القائمة الرئيسية
تكريم المرأة بين الإسلام والمسيحية
بشارة المسيح

أدلة بطلان دعوى الصلب والفداء

الصلب والفداء

لا تتناهى الأدلة الدالة على بطلان دعوى الصلب والفداء في جميع الرسالات السماوية

على الرغم من اعتماد المسيحية المعاصرة على دعوى الصلب كأساس لمعتقدها في الفداء والخلاص بدم السيد المسيح عليه السلام، إلا أن هذه الدعوى ظاهرة الفساد والبطلان ولا تتناهى الأدلة الدالة على ذلك في جميع الرسالات السماوية وكتبها ونصوصها المقدسة الحالية. لنلق نظرة على مدى مصداقية هذه الدعوى في ضوء القرآن الكريم والكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. ولنبدأ بموقف الإسلام ثم اليهودية ثم المسيحية على التوالي!

موقف الإسلام والقرآن من دعوى الصلب والفداء

ينفي القرآن الكريم دعوى الصلب والفداء بعبارات صريحة لا تحتمل الشك ولا اللبس ولا التأويل. ففي القرآن الكريم نقرأ:

وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا. بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا. وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (النساء 157:4-158)

فالمسيح وفقا للقرآن الكريم لم يقتل ولم يصلب ولكن رفعه الله إليه حيا، وسيعود قبيل يوم القيامة مصدقا لعقيدة الإسلام وشريعته وستكون عودته عليه السلام من علامات يوم القيامة.

وإن كيفية رفع المسيح ليست ببعيدة عن العهد الجديد، فهو يخبرنا أن السيد المسيح قد نجاه الله في بعض المواقف بإخفائه عن عيون أعدائه والرفع ليس أكثر من ذلك. ففي العهد الجديد نقرأ: “فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هكَذَا”. (يوحنا 59:8)

وإن معتقدات الفداء والافتداء وتحمل الخطية عن الغير من المعتقدات الفاسدة التي لا يقرها الإسلام أصلا، كما أن مفهوم الخطيئة الأصلية أو الأولى غير معترف به ولا وجود له في الإسلام، وذلك ببساطة لأن خطيئة آدم وحواء قد غفرها الله ولم يتبق لها أثر سوى تحذير بني آدم من تكرار تلك الخطيئة. فنحن نقرأ:

فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (البقرة 37:2)

كما نقرأ أيضا:

يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (الأعراف 27:7)

وإن مغفرة الخطيئة رغم تكرار بني آدم لها لا يقتضي سوى التوبة النصوح. فعن ذلك نقرأ في القرآن الكريم:

وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (النساء 110:4)

ولقد تحسب الإسلام لتكرار الخطيئة نظرا لطبيعة الإنسان الخاطئة، فلم يطالبه بالكمال وإنما جعل توبته الصادقة علاجا لخطيئته المتكررة، فلا يعد تكرار الخطيئة والتوبة منها في الإسلام سببا لسخط الله ولكن سببا لرضاه.

فعن أبي أيوب أنه قال حين حضرته الوفاة كنت كتمت عنكم شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون يغفر لهم” (رواه مسلم)

وإن مفهوم تحمل الخطيئة في الإسلام مفهوم جائر لا تقره عدالة السماء ولا يقبله الخالق علاجا لخطيئة خلقه لما فيه من الظلم والحيف. فكل إنسان يحاسب على خطيئته فقط وليس خطيئة غيره. فعلى سبيل المثال، يؤكد القرآن الكريم عدم مساءلة أمة الإسلام عن خطايا الأمم السابقة، فنحن نقرأ:

تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (البقرة 134:2)

كما يؤكد القرآن عدم تحمل أي نفس لخطيئة أي نفس أخرى. فنحن نقرأ:

وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (الأنعام 164:6)

موقف اليهودية والعهد القديم من دعوى الصلب والفداء

لما كذب اليهود السيد المسيح بل واتهموا أمه من قبل بالزنا وشرعوا في التحريض على قتله، فكان من المنطقي أن يؤمنوا بصلبه وقتله كونه مدعيا للنبوة والرسالة وأنه المسيح المنتظر. ولكن بغض النظر عن الاعتقاد في صلبه وقتله عليه السلام، لا يؤمن اليهود بمعتقد الفداء أصلا كما هو الحال في الإسلام. فليس لهذا المعتقد جذور إلا في الديانات الوثنية الباطلة.

فلا نجد في العهد القديم ذلك التضخيم في الخطيئة الأولى الذي نجده في العهد الجديد. فنجد أن الخطيئة الأولى ليس لها نفس التداعيات الخطيرة التي يحدثنا عنها العهد الجديد من توارث الخطيئة ولزوم تحملها عن البشرية بمعرفة كائن نصفه إنسان ونصفه إله. ويقتصر الأمر على مجرد وعيد لآدم وحواء. ففي العهد القديم نقرأ:

وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ… (التكوين 16:3-17)

بل إننا نلاحظ أن العهد القديم يخبرنا أن الله تعالى يغفر الخطيئة ويتقبل التوبة عن عباده التائبين دون الحاجة إلى فداء أو افتداء. ففي العهد القديم نقرأ: “فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلَّوْا وَطَلَبُوا وَجْهِي، وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيةِ فَإِنَّنِي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ”. (أخبار الأيام الثاني 14:7)

كما نقرأ: “أَمَّا هُوَ فَرَؤُوفٌ، يَغْفِرُ الإِثْمَ وَلاَ يُهْلِكُ. وَكَثِيرًا مَا رَدَّ غَضَبَهُ، وَلَمْ يُشْعِلْ كُلَّ سَخَطِهِ”. (مزمور 38:78)، ونقرأ أيضا: “رَضِيتَ يَا رَبُّ عَلَى أَرْضِكَ. أَرْجَعْتَ سَبْيَ يَعْقُوبَ. غَفَرْتَ إِثْمَ شَعْبِكَ. سَتَرْتَ كُلَّ خَطِيَّتِهِمْ. سِلاَهْ”. (مزمور 1:85-2)

وكثيرا ما ينفي العهد القديم جواز قتل نفس فداءً عن نفس أخرى. فنحن نقرأ على سبيل المثال، “لاَ يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلاَدِ، وَلاَ يُقْتَلُ الأَوْلاَدُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ”. (تثنية 16:24)

كما نقرأ: وَلكِنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ أَبْنَاءَ الْقَاتِلِينَ حَسَبَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ شَرِيعَةِ مُوسَى، حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ قَائِلاً: «لاَ يُقْتَلُ الآبَاءُ مِنْ أَجْلِ الْبَنِينَ، وَالْبَنُونَ لاَ يُقْتَلُونَ مِنْ أَجْلِ الآبَاءِ. إِنَّمَا كُلُّ إِنْسَانٍ يُقْتَلُ بِخَطِيَّتِهِ». (ملوك الثاني 6:14)

ونقرأ أيضا: وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ، بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ قَائِلاً: «لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ، وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ». (أخبار الأيام الثاني 4:25)

دعوى الصلب والفداء في المسيحية والعهد الجديد

على الرغم من أن العهد الجديد يعج بدعاوى الصلب والفداء والافتداء والخلاص بدم المسيح وما شابه ذلك من المعتقدات الباطلة التي ليس لها ما يصدقها في الرسالات السماوية الأخرى سواء اليهودية أو الإسلام، إلا أننا لا نجد اتساقا بين هذه الدعاوى والمعتقدات على مستوى المسيحية نفسها.

رفع المسيح وفقا لإنجيل برنابا

رفع المسيح وفقا لإنجيل برنابا ورؤيا بطرس

فعلى سبيل المثال، ينفي كل من إنجيل برنابا ورؤيا بطرس دعوى الصلب والفداء. فأما إنجيل برنابا، فيخبرنا في الفصل الخامس عشر بعد المائتين أن السيد المسيح قد رفع قبل حادثة الصلب أصلا. كما يخبرنا في الفصل السادس عشر بعد المائتين أن الله قد ألقى شبه السيد المسيح على يهوذا الأسخريوطي. وأما الفصل السابع عشر بعد المائتين، فيروي لنا حادثة الصلب بالتفصيل وكيف أنها حدثت ليهوذا وليس للسيد المسيح. وتؤيد رؤيا بطرس نفس ما ورد في إنجيل برنابا.

وعلى الرغم من إنكار المسيحيين لصحة إنجيل برنابا ورؤيا بطرس، إلا أن في الكتاب المقدس نفسه ما يفيد عدم صلب المسيح.

فعلى سبيل المثال، ورد في الكتاب المقدس وفي العهد الجديد ما يؤكد حفظ الملائكة للسيد المسيح حتى لا يصاب بأذى. فكيف صلب المسيح إذا وأين كانت الملائكة في ذلك الحين؟

المسيح والملائكة

من المفترض أن الملائكة تحمي المسيح وفقا للكتاب المقدس

ففي العهد الجديد نقرأ: وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». (متى 6:4)

ويؤكد العدد السابق أعداد أخرى من العهد القديم مثل الأعداد التالية: (مزمور 3:91-16)، (مزمور 1:116-19)، (مزمور 1:181-29)

وناهيك عن كل هذه الأدلة والبراهين النافية لدعوى الصلب والفداء الواردة في القرآن الكريم والكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، إذا نظرنا في الأعداد التي تثبت دعوى الصلب نجدها شديدة التعارض والتناقض لدرجة تكفي لعدم الإيمان بهذه الدعوى الباطلة. فنجد الأناجيل الأربعة تعطي وصفا شديد التباين والتعارض لحادثة الصلب حتى أنه يتعذر الجمع بين الروايات الواردة في هذه الأناجيل الأربعة مما يؤكد أن دعوى الصلب والفداء ما هي إلا أسطورة لا أساس لها من الصحة بدليل تعارض وعدم منطقية الروايات التي تثبت وقوعها. وفيما يلي طرفا من هذه التعارضات بين الأناجيل الأربعة:

المسيح يصلي

حزن المسيح وكآبته قبل الصلب المزعوم

* يذكر العهد الجديد أن السيد المسيح أصيب بحالة من الحزن والاكتئاب الشديدين وصلى لله عز وجل وطلب منه أن ينجيه من القتل (متى 36:26-42)، والسؤال الآن هو: لماذا يصاب السيد المسيح بحالة من الحزن والاكتئاب ويطلب من الله أن ينجيه من القتل؟ ألم يكن يعلم أن ذلك هو الحل الوحيد للخطيئة الأصلية؟ ألم يكن يعلم أنه ليس هناك سيناريو آخر للخلاص من هذه الخطيئة الأصلية سوى سفك دمه؟ (مرقس 24:14)

* يخبرنا إنجيل لوقا أن ملاكا نزل من السماء لتقويته بعد أن صلى لله طالبا النجاة من الله قبل الصلب (لوقا 43:22)، أما باقي الأناجيل فلا تذكر أي شيء عن هذا الملاك.

* أما عن مشهد القبض على المسيح، فيخبرنا إنجيل متى وإنجيل مرقس أن يهوذا هو الذي أعطى علامة لرؤساء الكهنة وشيوخ الشعب حتى يقبضوا على المسيح (متى 47:26-49)، وأن المسيح سأله عن سبب مجيئه (متى 50:26)، وأن التلاميذ هربوا كلهم وتركوا المسيح (متى 56:26).

يهوذا يعطي علامة لرؤساء الكهنة

يهوذا يعطي علامة لرؤساء الكهنة

أما إنجيل مرقس فيخبرنا أيضا أن يهوذا أعطى علامة للكهنة والكتبة والشيوخ حتى يقبضوا على المسيح (مرقس 44:14-46)، ولكن المسيح لم يسأله عن سبب مجيئه، ولكن يذكر أيضا أن التلاميذ هربوا كلهم وتركوا المسيح (مرقس 50:14-52).

أما إنجيل لوقا فيخبرنا أيضا أن يهوذا أعطى علامة حتى يقبضوا على المسيح (لوقا 47:22)، وأن المسيح قال ليهوذا “يا يهوذا، أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟” (لوقا 48:22)، وأنه لما قطع أحد تلاميذ المسيح أذن عبد رئيس الكهنة، قال المسيح “دعوا إلي هذا!” ولمس أذنه وأبرأها (لوقا 51:22).

وأما إنجيل يوحنا فيخبرنا أن المسيح هو الذي سلم نفسه (يوحنا 4:18-5) وأن رؤساء الكهنة والفريسيين لما أخبرهم المسيح بأنه هو من يطلبونه رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض (يوحنا 6:18) وأنه هو الذي طلب منهم أن يخلوا سبيل تلاميذه (يوحنا 8:18-9).

المسيح يسلم نفسه للجند

المسيح يسلم نفسه للجند

* أما عن مشهد المحاكمة والحوار الذي دار فيه، فيخبرنا إنجيل متى وإنجيل مرقس أن الحوار دار بين شهود الزور ورئيس الكهنة والحاضرون والمسيح الذي أجاب بأنه المسيح ابن الله وأنهم سيبصرونه جالسا عن يمين الله وآتيا في السحاب (متى 59:26-68)، (مرقس 55:14-65)، ثم بعد ذلك دار حوار بين الوالي

والسيد المسيح حيث سأل الوالي المسيح عما إذا كان ملك اليهود فأكد المسيح ذلك (متى 11:27-14)، (مرقس 2:15-5).

 

أما إنجيل لوقا، فيروي لنا حوارا مختلفا نسبيا، حيث يبدأ الحوار باستهزاء الرجال الذين ضبطوا المسيح منه (لوقا 63:22-65)، ثم بعد ذلك بين رؤساء الكهنة والكتبة ومشيخة الشعب في المجمع والسيد المسيح والذي أجاب بإجابات تشبه تلك الواردة في إنجيل مت

محاكمة المسيح

المسيح أمام بيلاطس

ى وإنجيل مرقس (لوقا 66:22-71).

 

ولكن يختلف الحوار بعد ذلك حيث لم يقتصر اتهام اليهود للمسيح على ادعائه أنه المسيح وملك اليهود، بل اتهموه بأنه يفسد الأمة ويمنع الجزية ويهيج الشعب (لوقا 1:23-5)، ثم أرسل بيلاطس المسيح لهيرودس بعد أن علم أنه من الجليل. وأما هيرودس فحاول التحاور مع المسيح ولكن المسيح لم يرد عليه ولذلك فقد أعاده إلى بيلاطس (لوقا 8:23-12)، فحاول بيلاطس إقناع رؤساء الكهنة والعظماء والشعب بمجرد تأديب المسيح وإطلاقه، إلا أنهم أصروا على صلبه، فأمر بصلبه (لوقا 23:13-25).

المسيح أمام رئيس الكهنة

المسيح أمام رئيس الكهنة

وأما إنجيل يوحنا، فيروي لنا حوارا مختلفا عن الحوار الوارد في الأناجيل الثلاثة الأخرى. فيبدأ الحوار بين رئيس الكهنة والمسيح (يوحنا 19:18-24) ثم بين بيلاطس واليهود (يوحنا 29:18-32)، ثم بين بيلاطس والمسيح الذي يجيب بأنه مملكته ليست من هذا العالم ولولا ذلك لما سلم لليهود وأنه جاء للعالم ليشهد للحق (يوحنا 33:18-37)، ثم بعد ذلك يدور حوار بعد جلد المسيح بين بيلاطس ورؤساء الكهنة يطلبون منه صلب المسيح (يوحنا 1:19-7)، ثم يدور حوار بين بيلاطس والمسيح لا نجد مثله في الأناجيل الأخرى (يوحنا 8:19-11)، ثم يدور حوار بين بيلاطس واليهود ورؤساء الكهنة يطلبون صلب المسيح (يوحنا 13:19-16).

يسوع الناصري ملك اليهود

ما الذي كتب على صليب المسيح تحديدا؟

* لم يكن مكتوبا على الصليب شيء وفقا لإنجيل متى وإنجيل مرقس، أما إنجيل لوقا فيخبرنا أنه كان هناك عنوان فوق المسيح مكتوب عليه بأحرف يونانية ورومانية وعبرانية “هذا هو ملك اليهود” (لوقا 38:23)، أما إنجيل يوحنا فيخبرنا أن بيلاطس كتب على الصليب “يسوع الناصري ملك اليهود” ولكن اليهود رفضوا وذلك وطلبوا منه أن يكتب “إن ذاك قال: أنا ملك اليهود” (يوحنا 19:19-22) ولكن بيلاطس رفض.

* كان صليب المسيح يحمله إنسانا قيراونيا اسمه سمعان وفقا

من حمل الصليب؟

من حمل الصليب: المسيح أم سمعان؟

لإنجيل متى (متى 32:27) وإنجيل مرقس (مرقس 21:15) وإنجيل لوقا (لوقا 26:23)، أما في إنجيل يوحنا فكان المسيح يحمل صليبه بنفسه (يوحنا 17:19).

 

* أعطي المسيح خلا ممزوجة بمرارة ليشرب قبل الصلب المزعوم وفقا لإنجيل متى (متى 34:27).

بينما أعطي المسيح خمرا ممزوجة بمر ليشرب وفقا لإنجيل مرقس (مرقس 23:15)، بينما لم يعط المسيح شيئا ليشربه لا في إنجيل لوقا ولا في إنجيل يوحنا.

ماذا شرب المسيح على الصليب؟

ماذا شرب المسيح ؟

* حضر مشهد الصلب نساء كثيرات ينظرن من بعيد وبينهن مريم المجدلية ومريم الأخرى وفقا لإنجيل متى (متى 55:27-56) وإنجيل مرقس (مرقس 40:15) وإنجيل لوقا (لوقا 49:23).

أما إنجيل يوحنا فيخبرنا أن أم السيد المسيح وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية كن واقفات على مقربة من صليب المسيح ومعهم التلميذ الذي كان يحبه حتى أن المسيح استطاع أن يتحدث إليهم (يوحنا 25:19-27)

هل كانت النساء قريبة أم بعيدة عن الصليب؟

هل كانت النساء قريبة ؟

* أما عن الحوار الذي دار حال كون المسيح على الصليب، فيخبرنا إنجيل متى أن هذا الحوار كان عبارة عن سخرية من المسيح على لسان عسكر الوالي والمارة وأن المسيح لم يكن منه سوى أن صرخ قائلا “إلهي إلهي، لماذا تركتني؟” (متى 39:27-50).

أما إنجيل مرقس فيخبرنا بحوار شبيه بالحوار الوارد في إنجيل متى إلا أن الحوار شارك فيه العسكر ورؤساء الكهنة والحاضرون (مرقس 29:15-37).

ماذا قال المسيح على الصليب؟

ماذا قال المسيح على الصليب؟

أما إنجيل لوقا فيروي لنا حوارا مختلفا بدأ بمواساة المسيح للنسوة اللاتي لطمن ونحن عليه (لوقا 28:23-31) ثم بصلاة يسوع لقاتليه (لوقا 34:23)، ثم بسخرية الرؤساء والجند بل وأحد المذنبين المعلقين مع المسيح منه (لوقا 35:23-39)، ثم برد المذنب الآخر على المذنب الأول وانتهاره له وتقربه من المسيح (لوقا 40:23-42)، ثم بطمأنة المسيح له (لوقا 43:23)، ثم بمناجاة المسيح للآب (لوقا 46:23)، ثم بثناء قائد المائة على المسيح (لوقا 47:23).

هل طعن المسيح فيي جنبه بحربة فخرج دم وماء؟

هل طعن المسيح في جنبه بحربة؟

وأما إنجيل يوحنا فيروي لنا حوارا مختلفا تماما عن الحوارات الواردة في الأناجيل الأخرى، فلم يذكر أية سخرية من المسيح وإنما اقتصر على قول المسيح لأمه عن التلميذ الذي كان يحبه “هوذا ابنك” وللتلميذ الذي كان يحبه عن أمه “هوذا أمك”، ثم قوله “أنا عطشان” ثم قوله بعد أن شرب “قد كمل” (يوحنا 26:19-30)

* أما عن كيفية موت المسيح، فيخبرنا إنجيل متى ومرقس ولوقا أن السيد المسيح مات بمجرد صلبه (متى 50:27)، (مرقس 37:15)، (لوقا 46:23)، أما إنجيل يوحنا فيخبرنا أن المسيح صلب وبعد ذلك طعن جنبه بحربة فخرج دم وماء وذلك للتأكد من موته (يوحنا 33:19-34)

هل انشق حجاب الهيكل بعد صلب المسيح؟

هل انشق حجاب الهيكل بعد صلب المسيح؟

* أما عن الأعاجيب التي حدثت عند موت المسيح المزعوم، فيخبرنا إنجيل متى أن حجاب الهيكل انشق من فوق إلى أسفل وتزلزت الأرض وتشققت الصخور وفتحت القبور وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين (متى 51:27-53)، أما إنجيل مرقس فلا يذكر سوى انشقاق حجاب الهيكل من فوق إلى أسفل (مرقس 38:15)، وأما إنجيل لوقا فلا يذكر سوى انشقاق حجاب الهيكل ولكن ليس فقط من فوق إلى أسفل ولكن تحديدا من الوسط (لوقا 45:23)، وأما إنجيل يوحنا فلا يذكر أية أعاجيب وقعت عند موت المسيح المزعوم.

* أما عن ردود أفعال الناس بعد موت المسيح المزعوم، فيخبرنا إنجيل متى أن قائد المئة والحرس لما رأوا الزلزلة خافوا وأقروا أن المسيح ابن الله حقا (متى 54:27).

ماذا قال قائد المئة بعد صلب المسيح؟

ماذا قال قائد المئة بعد صلب المسيح؟

وأما إنجيل مرقس فيخبرنا أن قائد المائة وحده هو الذي أقر أن المسيح ابن الله حقا (مرقس 39:15)، وأما إنجيل لوقا فيخبرنا أن قائد المائة مجد الله وأقر أن المسيح كان إنسانا بارا وليس ابن الله وأن كل الجموع لما رأت ذلك رجعوا وهم يقرعون صدورهم (لوقا 47:23-48)، وأما إنجيل يوحنا فلا يذكر أية ردود أفعال حدثت بعد الصلب.

* نقل العهد الجديد عن السيد المسيح قوله أنه يمكث في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال (متى 38:12-40)، ولكن يخبرنا العهد الجديد أن السيد المسيح دفن مساء الجمعة (متى 60:27) وقام قبل فجر يوم الأحد (متى1:28 ) أي مساء يوم السبت، أي أنه لم يلبث في قبره المزعوم إلا ليلتين ويوم واحد.

من أول من توجه إلى قبر المسيح؟

من أول من توجه إلى قبر المسيح؟

* أول من توجه إلى قبر المسيح المزعوم مريم المجدلية ومريم الأخرى فوجدا ملاكا قد زحزح الحجر عن الباب وجلس عليه وفقا لإنجيل متى (متى 1:28-2)، أما في إنجيل مرقس فأول من توجه إلى قبر المسيح مريم المجدلية ومريم الأخرى فوجدا الحجر قد دحرج ولما دخلا القبر وجدا شابا جالسا عن اليمين (مرقس 1:16-5)، أما في إنجيل لوقا فأول من توجه إلى قبر المسيح عدة نسوة ووجدن الحجر قد دحرج ورأين رجلين عليهما ثياب براقة (لوقا 1:24-4)، أما في إنجيل يوحنا فأول من توجه إلى قبر المسيح مريم المجدلية وحدها فلما وجدت الحجر مرفوعا توجهت إلى سمعان بطرس والتلميذ الآخر ثم عادوا جميعا ومضى التلميذان وظلت مريم تبكي حتى ظهر لها ملاكان (يوحنا 12:20)

من ظهر لمريم المجدلية؟

من ظهر لمريم المجدلية؟

* ظهر ملاك لمريم المجدلية ومريم الأخرى وتحدث إليهما وفقا لإنجيل متى (متى 5:28)، بينما ظهر شاب لمريم المجدلية ومريم الأخرى وتحدث إليهما وفقا لإنجيل مرقس (مرقس 5:16)، بينما ظهر رجلان لعدة نسوة وفقا لإنجيل لوقا (لوقا 4:24)، بينما ظهر ملاكان لمريم المجدلية وحدها وفقا لإنجيل يوحنا (يوحنا 12:20).

* وفقا لإنجيل متى، ظهر المسيح لحوارييه بعد الصلب المزعوم مرتين أولهما لمريم المجدلية ومريم الأخرى عند القبر الذي دفن فيه (متى 9:28) وثانيهما لحوارييه في الجليل (متى 17:28).

كم مرة ظهر المسيح بعد صلبه ولمن؟

كم مرة ظهر المسيح بعد صلبه ولمن؟

ووفقا لإنجيل مرقس، ظهر المسيح أربع مرات، أولها لمريم المجدلية ومريم الأخرى (مرقس 5:16) وثانيها لمريم المجدلية (مرقس 9:16) وثالثها لاثنين من حوارييه في البرية (مرقس 12:16) ورابعها لحوارييه في الجليل (مرقس 14:16). ووفقا لإنجيل لوقا، ظهر المسيح لحوارييه فقط مرتين أولاهما عند عمواس (لوقا 15:24) وثانيهما في أورشليم (لوقا 36:24). ووفقا لإنجيل يوحنا، ظهر المسيح أربع مرات أولها لمريم المجدلية فقط عند القبر الذي دفن فيه (يوحنا 14:20) وبعد ذلك ظهر مرتين لحوارييه في أماكن مغلقة (يوحنا 19:20) و(يوحنا 26:20) وبعد ذلك عند بحر طبرية (يوحنا 1:21).

هل سجد أحد للمسيح بعد صلبه ومن هو؟

هل سجد أحد للمسيح بعد صلبه ومن هو؟

* يخبرنا إنجيل متى أن مريم المجدلية ومريم الأخرى لمسا بل وأمسكتا قدمي المسيح (متى 9:28)، أما إنجيل مرقس فيخبرنا أن المسيح ظهر لمريم المجدلية دون أن يبين ما إذا حدث تلامس بينهما أم لا (مرقس 9:16)، أما إنجيل لوقا فيذكر أن النسوة لم يرين ولم يلمسن السيد المسيح، وإنما رأين رجلين عليهما ثياب براقة أخبراهن أن المسيح قد قام (لوقا 4:24-6)، وأما إنجيل يوحنا فيذكر أن المسيح ظهر لمريم المجدلية وحدها ولكنه أمرها ألا تلمسه (يوحنا 17:20).

* سجد للمسيح عند ظهوره بعد الصلب المزعوم وفقا لإنجيل متى حواريوه (متى 17:28) وكذلك مريم المجدلية ومريم الأخرى (متى 9:28)، وكذلك وفقا لإنجيل لوقا (لوقا 52:24)، أما باقي الأناجيل فلا تحدثنا عن مثل هذا السجود المزعوم.

هل أكل المسيح مع تلاميذه بعد الصلب؟

هل أكل المسيح مع تلاميذه بعد الصلب؟

* يذكر إنجيل لوقا أن السيد المسيح لم يظهر لحوارييه بعد صلبه فحسب، وإنما أكل معهم أيضا سمكا وعسلا (لوقا 42:24-43)، أما إنجيل يوحنا فيذكر أن المسيح بعدما ظهر لحوارييه أكل معهم خبزا وسمكا (يوحنا 13:21-15)، أما إنجيل متى وإنجيل مرقس فلا يذكران أن المسيح أكل أي شيء مع حوارييه بعد ظهوره لهم.

* لم يناد أي إنسان المسيح بقوله “إلهي” إلا في إنجيل يوحنا (يوحنا 28:20) على الرغم من أننا لا نجد مثل هذا الادعاء الخطير في باقي الأناجيل، بل إننا نجد المسيح نفسه ينادي ربه بقوله “إلهي” في إنجيل يوحنا نفسه (يوحنا 17:20)، فكيف يكون المسيح إلها إذا كان هو نفسه له إله؟

المسيح وتلاميذه بعد الصلب

المسيح وتلاميذه بعد الصلب

* لم يقل السيد المسيح لحوارييه أنه “دفع إليه كل سلطان في السماء وعلى الأرض” (متى 18:28) إلا في إنجيل متى ولا يوجد مثل هذا الادعاء الخطير في باقي الأناجيل بالرغم من أهميته وخطورته، بل إن السيد المسيح أكد أكثر من مرة وفقا لجميع الأناجيل أن الآب (الله) هو رب السماء والأرض وله سلطانهما وليس لغيره (لوقا 21:10).

* لم يأمر السيد المسيح حوارييه بالتعميد باسم الآب والابن والروح القدس (متى 19:28) والذي يفترض أنه يشكل أساسا مزعوما لعقيدة التثليث إلا في إنجيل متى ولا نجد مثل هذا الأمر في باقي الأناجيل بالرغم من جوهرية هذا الأمر بالنسبة للمعتقد المسيحي المعاصر.

* ينقل إنجيل يوحنا عن السيد المسيح قوله لحوارييه “من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت” (يوحنا 23:20)، ويعني ذلك أن حواريي المسيح قد أُعطوا سلطة مغفرة الخطايا مع أن المسيح علمهم أن الله (الآب) هو الغفور الذي يغفر الخطايا كما علمهم أن يطلبوا منه تعالى المغفرة في صلاتهم (متى 12:6)، فكيف يغفروا خطايا غيرهم إذا كانوا هم أنفسهم يفتقرون إلى مغفرة الله؟

_________

المراجع:

1-القرآن الكريم

2-صحيح مسلم

3- الكتاب المقدس

4- موقع الأنبا تكلا

مواضيع ذات صلة