يعد عيد القيامة أو عيد الفصح-كما يسميه البعض-من أعظم الأعياد المسيحية حتى إنه ليضاهى عيد الميلاد فى أهميته، ولكن هل يلقى عيد القيامة قبولا فى تعاليم عيسى عليه السلام، وهل شرعه أو سنه لأتباعه؟ مهما يكن من أمر تبقى الحقيقة الواضحة وهى أن الأعياد المتصلة بآخر أيام عيسى عليه السلام فى الدنيا من وضع الكنيسة نفسها وليس من تشريعه عليه السلام ومن تلك الأعياد عيد القيامة ذلك العيد الذى بنى على أساسات باطلة منها صلب المسيح وموته وتعذيبه وإهانته حيث –وفقا للموسوعة ويكيبديا- يدفع المسيحيين لتذكار قيامة المسيح من الموت بعد ثلاثة أيام من دفنه بعد موته على الصليب.
ويتضح -لعدم تشريع عيسى عليه السلام لهذا العيد- أنه بدعة نيقية كنسية محضة من تلك التحريفات التى عانت منها تعاليم عيسى عليه السلام تأثرا بذلك المجمع المشؤوم مجمع نيقية 325 بعد الميلاد، فيشوب هذا العيد بعض التناقضات من حيث طرق تحديد يوم عيد الفصح المسيحي لدى الطوائف التي تتبع التقويم الغربي (تابعي الكاثولوكية من المسيحيين) ويسمى العيد الكبير في الكنائس الشرقية و يتبع تحديد يوم عيد الفصح دورة القمر التي حددت في مجمع نيقية ولكنه يحدد بطريقة حسابية غير المعهودة.
وتبدأ الاستعدادات لهذا العيد بزمن طويل قبله مصدرة بالصوم الكبير حتى أحد الشعانين وفيه ينتهي الصوم الكبير الذي يستمر عادة أربعين يوماً؛ كما ينتهي بأسبوع الآلام، ويبدأ زمن القيامة المستمر في السنة الطقسية أربعين يوماً حتى عيد العنصرة.
ووفقا للموسوعة ويكيبديا فإن تاريخ عيد الفصح متنقل، فالمسيحيون الأوائل ناقشوا ثلاث فرضيات في الإحتفال بالفصح وأقرّوا في مجمع نيقية المنعقد عام 325 تاريخ الفصح بوصفه الأحد الأول بعد اكتمال القمر الربيع الأول – أي 21 مارس؛ وهو ما يدفع تاريخ الفصح بين 22 مارس و25 أبريل، أما الكنائس التي تتبع التقويم اليولياني، فعدم تصحيح حساب السنوات في القرن السادس عشر جعل موعد الإنقلاب على التقويم الحالي هو 3 أبريل، هذا ما جعل موعد الفصح خلال القرن الحادي والعشرين بين 4 أبريل و8 مايو لمتّبعي التقويم الشرقي.
والتناقض الآخر الذى يشوب هذا العد اختلاطه بعيد الفصح اليهودي في كثير من رمزيته مما حدا بزعماء المسيحية أن يحاولوا الانسلاخ والابتداع فيه بطقوس مختلفة حتى يبدوا مسيحيا محضا وحتى يتبرأ اتباع المسيح من قتلة المسيح في زعمهم.
فممّا جاء في رسالة الإمبراطور قسطنطين إلى الأساقفة-وفقا للموسوعة أيضا- المجتمعين في نيقية ما يلي: (إنه لا يناسب على الإطلاق، وخاصةً في هذا العيد الأقدس من كل الأعياد، أن نتبع تقليد أو حساب اليهود الذين عميت قلوبهم وعقولهم وغمسوا أيديهم بأعظم الجرائم فظاعةً، وهكذا إذ نتفق كلنا على اتخاذ هذا الأسلوب ننفصل أيها الإخوة الأحباء عن كل اشتراك ممقوت مع اليهود).
وأعطى المجمع لكنيسة الإسكندرية الحق في تعيين يوم الفصح، نظرا لشهرتها البالغة في العلوم الفلكية، وقدرتها على الحساب الدقيق، فكان أسقف الإسكندرية يعين تاريخ عيد الفصح، مباشرةً بعد عيد الغطاس، ويُعلم بذلك أساقفة الكراسي الأخرى فيما كانت تعرف برسالة الفصح. وقبل انعقاد هذا المجمع كانت كنيسة الإسكندرية قد غضت النظر عن الحساب اليهودي، واتخذت لنفسها قاعدة خاصة جعلت عيد الفصح يقع بعد أول بدر بعد اعتدال الربيع في الحادي والعشرين من آذار، وهو ما اعتمده مجمع نيقية وتتبعته جميع الكنائس في العالم الآن.
هذا بخلاف ما ارتبط بهذا العيد من طقوس دخيلة فمن المسيحيين من لا يأكل شيئا تضامنا مع آلام المسيح ومنهم من يعتقد ن عيد القيامة هو تحقيق رسالة المسيح على الأرض، وزيدت طقوس أيضا دخيلة من ثقافات أخرى، كتزيين البيض ووجود الأرانب وأكل لحم الضأن إشارة إلى تضحية المسيح بجسده للبشرية.
لقد اتسمت الأحداث المرتبطة بقيامة المسيح بأحداث متناقضة يشهد لذك ترتيب الأحداث المتناقضة في الأناجيل بشأن روايات الصلب والتى منها تاريخ القبض على المسيح فيجعله مرقس(43:14)/متى (47:26)/ ولوقا (47:22) بعد عشاء الفصح الأخير مساء الخميس بينما يجعله يوحنا (28:18) قبل عشاء الفصح مساء الأربعاء. كذا التناقض في علامة تعريف يهوذا الخائن عيسى لليهود؛ هل كانت قبلته له أم عرّف عيسى نفسه لليهود.
لذا نجد القرآن يستخدم ألفاظا مغايرة لتلك التى تذيع في النصرانية من قيامة المسيح وصلبه وتعذيبه. فلقد نفى القرآن موت المسيح أو صلبه وإنما ذكر أن الله أنجاه من إيذاء اليهود ورفعه إليه:
“وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا . وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّـهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا . بَل رَّفَعَهُ اللَّـهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا . وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَ+نَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا”(156:4-159)،
فالمسيح لم يوضع على الصليب وإنما ألقى شبهه على احد أصحابه فظن أن المسيح هو الذى قد صلب. ومع ظهور المناهج النقدية التاريخية لم تصمد تلك الروايات الإنجيلية المتناقضة أمام النقض وهذا إن دل فإنما يدل على فقدان المسيحية لمصداقية الاتباع لعيسى عليه السلام في شرعه كما جاءه عن ربه، ويدل ظهور نبى الإسلام بهذا الإعجاز القرآنى المتمثل في تصحيح روايات تاريخية باطلة أسست على أساسها عقائد وهمية للمسيحية شنت بسسببها الحروب العالمية وصارت رموزا لها.
المراجع
الموسوعة ويكيبديا
القرآن الكريم
الكتاب المقدس