يدعي بعض المسيحيين وجود تناقض في القرآن الكريم حول ما يعبده المسيحيون في حقيقة الأمر. فتارة يذكر القرآن الكريم أن المسيحيين يقولون أن الله هو المسيح، وتارة يذكر أنهم يقولون أن المسيح ابن الله، وتارة يذكر أنهم اتخذوا المسيح وأمه إلهين، وتارة يذكر أنهم قالوا أن الله ثالث ثلاثة، وتارة يذكر أنهم اتخذوا الرهبان أربابا علاوة على السيد المسيح.
وفي الحقيقة، لا تناقض في القرآن الكريم سواء في هذا الصدد أو في غيره. ويرجع تعديد معتقدات المسيحيين في إلههم وفقا للقرآن الكريم إلى سببين: السبب الأول هو تعدد معتقدات الطوائف المسيحية في إلههم قديما وحديثا، والسبب الثاني هو استخدام القرآن الكريم ورسالة الإسلام الخاتمة التي جاء بها النبي محمد المفهوم الصحيح والحقيقي للألوهية والربوبية وليس مفهوم الألوهية والربوبية المغلوطين عند المسيحيين.
ليس في القرآن تضارب، ولكن من المسيحيين من يقول أن الله هو المسيح ومنهم من يقول بل هو ابن الله ومنهم من يقول بل هو الله وابن الله معا ومنهم من يقول أن الله (الآب) ثالث ثلاثة ومنهم من يتخذ مريم بل والرهبان أربابا مع المسيح
وبناء عليه، فكل ما ورد في القرآن الكريم عن معتقدات المسيحيين في إلههم حق وصدق وقامت عليه أدلة قاطعة قديما وحديثا. فلقد اعتقد المسيحيون ما ورد في القرآن الكريم من معتقدات فعلا سواء في الماضي أو الحاضر على الرغم من تعددها وتناقضها. وهكذا، فالتناقض ليس في القرآن، وإنما في معتقدات المسيحيين أنفسهم. فالقرآن لم يضف معتقدا وإنما أورد معتقدات مسيحية فعلية سواء كانت قديمة أو معاصرة.
ولذلك ينبغي ألا يوجه المسيحيون اللوم للقرآن للكريم ولكن لأنفسهم على ما أورده من تناقض معتقداتهم، فما هو إلا مرآة لواقعهم المتضارب.
تعالوا الآن نستعرض معتقدات المسيحيين في إلههم حسبما أوردها القرآن الكريم لنثبت بالأدلة الدامغة إيمان المسيحيين الفعلي بهذه المعتقدات المتعارضة قديما وحديثا.
هل قال المسيحيون أن المسيح هو الله؟
القرآن
يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (المائدة 17:5)
كما يقول تعالى:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (المائدة 72:5)
المسيحيون
يقول المسيحيون أن السيد المسيح هو الله فعلا، ويستدلون على ذلك بأعداد مردود عليها من الكتاب المقدس؛
مثل: “أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ” (يوحنا 30:10) (تجد الرد بالنقر على هذا الرابط)
ومثل: “وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ” (يوحنا 1:1) (تجد الرد بالنقر على هذا الرابط)
ومثل: أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!». (يوحنا 28:20) (تجد الرد بالنقر على هذا الرابط آخر الصفحة وذلك الرابط وسط الصفحة)
هل قال المسيحيون أن المسيح هو ابن الله؟
القرآن
يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (التوبة 30:9)
المسيحيون
يقول المسيحيون أن السيد المسيح هو ابن الله على سبيل الحقيقة وليس المجاز، ويستدلون على ذلك بأعداد مردود عليها من الكتاب المقدس مثل: “وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتًا. فَأَجَابَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ: ‘أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ؟’ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: ‘أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ’” (متى 26 :63-64) (تجد الرد بالنقر على هذا الرابط)
هل اتخذ المسيحيون المسيح وأمه إلهين؟
القرآن
يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (المائدة 116:5)
المسيحيون
على الرغم من أن السيدة مريم خارج الثالوث المقدس المعاصر، إلا أن المسيحيين يؤمنون بألوهيتها على الرغم من الخلافات العقدية بين طوائفهم. فمنهم من اتخذها إلها معبودا صراحة ومنهم من اتخذها إلها ضمنيا وفقا للمفهوم الحقيقي والصحيح للألوهية على الرغم من إنكار بعضهم لألوهيتها.
فأما من اتخذها إلها يُعبد صراحة، فهي طوائف مسيحية منها القديم ومنها المعاصر. فأما الطوائف القديمة، فمنها على سبيل المثال طائفة “المريميين”. فوفقا لإبيفانيوس السلاميسي (المتوفى سنة 403 م)، والذي كان أسقف سلاميس في قبرص في نهاية القرن الرابع الميلادي، في كتابه “بنريون” (Panarion)، كانت هذه الطائفة تعبد السيدة مريم باعتبارها “الإلهة الأم” في شبه الجزيرة العربية في القرن الرابع الميلادي. وكانت هذه الطائفة تقدم قرابين خبز للسيدة مريم. ولا يزال لهذه الطائفة وجود وإن كان محدودا حتى يومنا هذا.
وأما الطوائف المعاصرة، فمنها الطائفة المورمونية أو حركة قديسي الأيام الأخيرة. وتؤمن هذه الطائفة بمفهوم “الأم السماوية” التي هي أم الأرواح الإنسانية وزوجة الله الآب. وتؤمن هذه الطائفة بالسيدة مريم أما سماوية وإحدى زوجات الإله. ويؤمن بعض رجال هذه الكنيسة بعبادة الأم السماوية كجزء من عبادة الآب السماوي.
وأما من اتخذ السيدة مريم إلها ولكن ضمنيا، فهي سائر الطوائف المسيحية المعاصرة. فالسيدة مريم عند أغلب الطوائف المسيحية “أم الإله” أو “واضعة الإله”. كما أنها تسمى أيضا “ملكة السماء” و”الأم الملكة” باعتبارها أم السيد المسيح المسمى “ملك الملوك”، وتعتبر “المرأة السماوية الموصوفة في سفر الرؤيا” و”الإلهة الأم” عند بعض الكاثوليك.
وعلى الرغم من إنكار معظم المسيحيين لألوهية السيدة مريم نظرا لمفهوم الألوهية المغلوط لديهم، إلا أنه من البديهي أن يكون الابن من نفس جنس أمه. فأنثى الإنسان مثلا تلد إنسانا، وأنثى الحيوان تلد حيوانا. ولم نر من قبل أن أنثى الإنسان ولدت حيوانا مكتمل الخلقة، أو أن أنثى الحيوان ولدت إنسانا مكتمل الخلقة.
كما أنه وفقا لمفهوم الألوهية الحقيقي والصحيح الذي جاء به القرآن الكريم، إذا صح أن يكون للإله أم، فلابد أن تكون هذه الأم إلهة أيضا. كما إنه إذا صح أن يكون للإله ابن، فلابد أن يكون ذلك الابن إلها أيضا. ففي القرآن الكريم نقرأ:
قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (الزخرف 81:43)
وعلى الرغم من إنكار معظم الطوائف المسيحية المعاصرة لألوهية السيدة مريم وفقا لمفهوم الألوهية المغلوط عندهم، فإنه يصدر منهم تجاهها ما يؤكد تأليههم لها وفقا للمفهوم الحقيقي والصحيح للألوهية.
فعلى سبيل المثال، يصلي المسيحيون للسيدة مريم حتى تشفع لهم ويرسمون لها الصور والأيقونات وينحتون لها التماثيل ويعبدون هذه الصور والأيقونات والتماثيل بالسجود لها. وكل هذه الأمور ما هي إلا مظاهر لعبادة السيدة مريم وتأليهها. فوفقا للمفهوم الحقيقي والصحيح للألوهية، لا يصلى إلا للإله ولا يعبد إلا الإله ولا يسجد إلا للإله.
هل قال المسيحيون أن الله ثالث ثلاثة؟
القرآن
يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (المائدة 73:5)
كما يقول تعالى:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (النساء 171:4)
المسيحيون
على الرغم من عدم ورود الثالوث المزعوم في الكتاب المقدس، يقول المسيحيون أن الله ثالث ثلاثة فعلا وفقا لقوانين الإيمان ولاسيما أولها وهو قانون الإيمان النيقاوي الذي انبثق عن مجمع نيقية الأول.
وعلى الرغم من ادعائهم أن الله عندهم واحد ولكن الله الواحد عندهم له ثلاثة أقانيم، إلا أنه وفقا للمفهوم الحقيقي والصحيح للإله، فالأقنوم المسمى “الآب” هو الله. أما الأقنومان الآخران فليسا من الله في شيء. والأدلة على ذلك لا تتناهى في الكتاب المقدس نفسه. ومنها على سبيل المثال لا الحصر نسبة البشر كأبناء إلى الآب ونسبة الأجرام الكونية مثل الشمس والمطر إليه بخلاف الآبن والروح القدس اللذين لا نجد الكتاب المقدس ينسب إليهما لا بشرا ولا كونا. فنحن نقرأ على سبيل المثال: “لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ”. (متى 45:5)
ومن هذه الأدلة أيضا إثبات صفة “الكمال” للآب مع نفي “الصلاح” عن السيد المسيح وإثباته لله المراد به الآب. فعن إثبات صفة “الكمال” للآب نقرأ: “فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ”. (متى 48:5) وعن نفي “الصلاح” عن السيد المسيح وإثباته لله المراد به الآب نقرأ: وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ». (متى 16:19-17)
ولذلك اعتبر القرآن أن المسيحيين يقولون أن الله (الآب عندهم) ثالث ثلاثة. وعلى الرغم من ادعائهم الوحدانية وأنهم لا يقولون بـ”ثلاثة إلهة” ولكن “ثلاثة أقانيم”، إلا أن القرآن لم يذكر أن الله (الآب) ثالث ثلاثة آلهة وإنما أنكر عليهم قولهم ثالث ثلاثة حتى وإن كان ثلاث ثلاثة أقانيم في إله واحد.
هل اتخذ المسيحيون رهبانهم أربابا؟
القرآن
يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (التوبة 31:9)
المسيحيون
على الرغم من إنكار المسيحيين لاتخاذ رهبانهم أربابا، إلا أنهم يصدر منهم تجاههم ما يؤكد تأليههم لهم وفقا للمفهوم الحقيقي والصحيح للربوبية.
فعلى سبيل المثال، يؤمن المسيحيون بسر الاعتراف كأحد أسرار الكنيسة السابعة. وفي هذا السر، يعترف المسيحي بخطيئته للراهب ويغفر له الراهب خطيئته بدوره. ويستدل المسيحيون على سلطة الراهب في غفران الخطايا بأعداد تخص تلاميذ المسيح ورسله وليس عموم الرهبان.
فعلى سبيل المثال، يستدل المسيحيون بالعدد التالي الذي ينقل لنا حوارا بين السيد المسيح وتلميذه بطرس. فنحن نقرأ: “وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ”. (متى 19:16)
كما نقرأ أيضا العدد التالي الذي ينقل لنا حوارا بين السيد المسيح وتلاميذه. فنحن نقرأ: “مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ”. (يوحنا 23:20)
ولكن وفقا للمفهوم الحقيقي والصحيح للربوبية، ليس لأحد غفران الخطايا إلا الله عز وجل وحده. والإيمان بأن أحدا يغفر الخطايا مع الله هو من قبيل اتخاذ الغير أربابا كما ورد بالقرآن الكريم.
ولقد عاب القرآن الكريم على المسيحيين ذلك ونبههم إلى أن كثيرا من هؤلاء الرهبان يأكلون أموالهم بالباطل بزعم غفران الخطايا وغير ذلك. يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (التوبة 34:9)
ويصدق التاريخ ما أورده القرآن الكريم بهذا الخصوص فيخبرنا أن كثيرا من الباباوات والأساقفة أكلوا أموال الناس بالباطل وكنزوا الذهب والفضة فيما عرف بصكوك الغفران والسيمونية التي تورط فيها بالفعل كثير من باباوات الكنائس على اختلاف مذاهبها.
ومما يصدر من المسيحيين تجاه رهبانهم ويؤكد تأليههم لهم وفقا للمفهوم الحقيقي والصحيح للربوبية التوجه إليهم ببعض مظاهر العبادة مثل السجود. والسجود لا يكون إلا للإله.
ومما يصدر أيضا من المسيحيين تجاه رهبانهم ويؤكد تأليههم لهم وفقا للمفهوم الحقيقي والصحيح للربوبية استحلالهم لما يحله رهبانهم وتحريمهم لما يحرمه رهبانهم على الرغم من عدم ورود دليل على ذلك أحيانا حتى في كتبهم المحرفة. فالله تعالى هو المشرع الحقيقي، واتخاذ مشرع غيره يعد من قبيل اتخاذ أرباب معه.
ومن أمثلة ذلك في المسيحية استحلال السجود للتماثيل والصور وتحريم الزواج بعد الترمل واستحلال شرب الخمر وأكل لحم الخنزير وغير ذلك.
وبذلك، فقد ثبت أن كل ما ذكره القرآن الكريم عن اعتقاد المسيحيين في إلههم حق وصدق وقام عليه دليل من كتابهم وطقوسهم وتاريخهم بل وواقعهم أيضا. والسر في تعديد القرآن الكريم لمعتقدات المسيحيين في الإله وتناقضها أحيانا هو التعدد والتناقض الفعليين لمعتقداتهم في إلههم وعدم إدراكهم لمفهوم الألوهية والربوبية الحقيقي وعدم تسميتهم بعض الأشياء والأمور بمسمياتها الحقيقية والصحيحة.
_________
المراجع:
- القرآن الكريم
- الكتاب المقدس
- موقع الأنبا تكلا
- كتاب “بنريون” (Panarion) لإبيفانيوس السلاميسي