إنه النبي إدريس عليه السلام كما سماه القرآن الكريم أو أخنوخ كما سماه الكتاب المقدس. وهو من أوائل الأنبياء بعد النبي آدم عليه السلام. وهو من الأنبياء الذين يتفق الإسلام والمسيحية على تكريمهم والثناء عليهم على الرغم من عدم ورود تفاصيل تذكر عن حياته، عليه السلام، سواء في الكتاب المقدس أو القرآن الكريم، إلا أن تكريم الإسلام وثناءه عليه أكثر اتساقا ومنطقية وعقلانية منه في المسيحية كما سنرى.
النبي إدريس أو أخنوخ في المسيحية
على الرغم من أن المسيحية تثني على النبي إدريس أو أخنوخ في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، إلا أنها كالعادة تغالي في الثناء عليه فتنفي عنه الموت وتنسب له الرفع إلى السماء. ففي العهد الجديد نقرأ على سبيل المثال: “بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ. إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ”. (العبرانيين 5:11)
وفي العهد القديم نقرأ: “وَعَاشَ أَخْنُوخُ خَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً، وَوَلَدَ مَتُوشَالَحَ. وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ بَعْدَ مَا وَلَدَ مَتُوشَالَحَ ثَلاَثَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ أَخْنُوخَ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَخَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً. وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ“. (التكوين 21:5-24)
النبي إدريس في الإسلام
يثني الإسلام على النبي إدريس عليه السلام ثناء معقولا في جملة ثنائه على الأنبياء والمرسلين وتكريمه لهم. ففي القرآن الكريم نقرأ:
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ. وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (الأنبياء 85:21-86)
ويخبرنا القرآن الكريم أن الله عز وجل قد رفع إدريس مكانا عليا حيث إنه كان صديقا ونبيا. فنحن نقرأ:
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا. وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (مريم 56:19-57)
وتفسيرا للآية الكريمة السابقة، وفي حديث الإسراء والمعراج في البخاري، قال أنس: فلما مر جبريل بإدريس (في السماء)، قال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح. فقلت (النبي محمد) من هذا؟ قال: هذا إدريس…
التعليق
لم يتجاوز ثناء الإسلام على النبي إدريس وتكريمه له حدود الاتساق والعقل والمنطق. فلم يذكر الإسلام عن إدريس سوى إدخاله في رحمة الله كونه من الصالحين والأنبياء والصديقين وسوى رفعه مكانا عليا. وهذا “المكان العلي” وإن اختلف عليه المفسرون إلا أنه لم يثبت بدليل قطعي أن إدريس عليه السلام لم يمت، وهو ما يتسق مع نفي الخلود في الإسلام:
وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (الأنبياء 34:21)
أما المسيحية، فتنسب الخلود والرفع للسماء إلى أخنوخ أو إدريس وإلى إيليا (2 ملوك 1:2) وهو ما لا يتسق مع ما نسب إلى المسيح في العهد الجديد من عدم إمكانية صعود أحد غيره إلى السماء، فنحن نقرأ: “ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء” (يوحنا 3: 13)
وإذا كان المسيحيون يؤمنون بصعود كل من أخنوخ (إدريس) وإيليا على الرغم مما نسب للسيد المسيح من نفي الصعود عن غيره، فلماذا ينكرونه على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في معجزة الإسراء والمعراج؟
_________
المراجع:
- القرآن الكريم
- صحيح البخاري
- الكتاب المقدس
- موقع الأنبا تكلا
_________
اقرأ أيضا: