تكريم المرأة بين الإسلام والمسيحية

أبرز الأنبياء بين المسيحية والإسلام: 19-النبي زكريا عليه السلام

النبي زكريا

يعتبر النبي زكريا وابنه النبي يحيى مفاتيح المعرفة الصحيحة والحقيقية بالسيد المسيح

إنه النبي زكريا أبو النبي يحيى وزوج خالة السيدة مريم أو السيد المسيح على خلاف بين العلماء. ويعتبر النبي زكريا وابنه النبي يحيى مفاتيح المعرفة الصحيحة والحقيقية بالسيد المسيح في ضوء الكتاب المقدس والقرآن الكريم.

وعلى الرغم من وحدة شخصية النبي زكريا في القرآن الكريم، تتعدد الشخصيات التي تحمل اسم “زكريا” في الكتاب المقدس. لنتعرف الآن على شخصية النبي زكريا في المسيحية والإسلام، مع مراعاة مطالعة قصة النبي يحيى عليه السلام لأنها جزء لا يتجزأ من قصة النبي زكريا عليه السلام.

النبي زكريا في المسيحية

تتعدد الشخصيات التي تحمل اسم “زكريا” في الكتاب المقدس ولاسيما العهد القديم. فيبدو أن اسم “زكريا” كان اسما شائعا في بني إسرائيل حتى حمله عدة أشخاص منهم زكريا أبو يوحنا المعمدان.

فنجد في الكتاب المقدس خلقا كثيرا اسمهم “زكريا”، منهم على سبيل المثال لا الحصر زكريا بن يربعام (ملوك الثاني 29:14)، وزكريا بن مشلميا (أخبار الأيام الأول 21:9)، وزكريا بن بنايا (أخبار الأيام الثاني 14:20)، وزكريا بن يهوياداع (أخبار الأيام الثاني 20:24)، وزكريا بن عدو (عزرا 1:5)، وزكريا بن باباي (عزرا 11:8)، وزكريا بن أمريا (نحميا 4:11)، وزكريا بن الشيلوني (نحميا 5:11)، وزكريا بن فشحور (نحميا 12:11)، وزكريا بن يوناثان (نحميا 35:12)، وزكريا بن يبرخيا (إشعياء 2:8).

ومن الغريب أن زكريا الذي هو أبو يوحنا المعمدان ليس نبيا في الكتاب المقدس وإنما هو مجرد كاهن من فرقة أبيا. وعلى أي حال، فالكتاب المقدس يكرمه ويثني عليه وعلى امرأته أليصابات ويصفهما بالبارين. ففي الكتاب المقدس نقرأ:

“كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ. وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ”. (لوقا 5:1-6)

النبي زكريا في الإسلام

يكرم القرآن الكريم النبي زكريا ويثني عليه. فيخبرنا القرآن الكريم أنه كان من الصالحين. فنحن نقرأ:

وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (الأنعام 85:6)

وعلى غرار الكتاب المقدس، يثني القرآن الكريم على النبي زكريا وزوجته ويصفهم بالصلاح والمسارعة في الخيرات والدعاء لله عز وجل والخشوع له. فنحن نقرأ:

وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (الأنبياء 89:21-90)

العلاقة بين النبي زكريا والسيدة مريم والسيد المسيح

المسيحية

في المسيحية، تكمن العلاقة بين النبي زكريا من جانب والسيدة مريم والسيد المسيح من جانب آخر في صلة القرابة التي جمعت بين زوجة النبي زكريا والسيدة مريم وتشابه الطريقة التي حبلت بها كل منهما ومكوث السيدة مريم في بيت زكريا طيلة الشهور الثلاث الأولى من حملها.

فعن القرابة بين مريم وأليصابات والطريقة التي حبلتا بها، نقرأ في الكتاب المقدس: فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». (لوقا 35:1-37)

وعن مكوث مريم في بيت زكريا، نقرأ في الكتاب المقدس: فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ:«مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ…». فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. (لوقا 39:1-56)

الإسلام

في الإسلام، تكمن العلاقة بين النبي زكريا من جانب والسيدة مريم والسيد المسيح من جانب آخر في صلة القرابة التي جمعت بين زوجة النبي زكريا والسيدة مريم وتشابه الطريقة التي حبلت بها كل منهما والصمت المترتب على الحمل والوضع.

فأما القرابة، فقد ورد في حديث الإسراء والمعراج أن يحيى (يوحنا المعمدان) وعيسى (يسوع) ابنا خالة على خلاف بين العلماء حول ما إذا كانا ابنا خالة مباشرين أم لا. ففي الحديث الذي رواه مالك بن صعصعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نقرأ: “…ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة قال هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت فردا ثم قالا مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح…” (رواه البخاري)

وأما تشابه طريقة الحمل والصوم، فعن زكريا نقرأ في القرآن الكريم:

هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ. فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ. قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ. قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (آل عمران 38:3-41)

وعن مريم نقرأ:

وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا. فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا. فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا. يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا. فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا. قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (مريم 25:19-30)

التعليق

هناك أوجه اختلاف في العلاقة بين زكريا والسيدة مريم وابنها السيد المسيح في الكتاب المقدس والقرآن الكريم. وأهم هذه الاختلافات أن السيدة مريم ومن قبلها أليصابات زوجة النبي زكريا حملتا بنفس الطريقة من حيث ظهور الملائكة لهما والحمل الخارق للعادة وتعذر الحمل بالطريق الطبيعي. ولكن إذ بنا نجد الكتاب المقدس يعتبر السيد المسيح ابنا لله أما يوحنا المعمدان أو النبي يحيى فيعده ابنا للنبي زكريا.

فلقد ظهرت الملائكة للنبي زكريا ومريم بنفس الطريقة وحبلت مريم وأليصابات بنفس الطريقة. فلماذا اتخذ ابن مريم ابنا لله أما ابن أليصابات فاتخذ ابنا لزكريا؟

والحق والحقيقة أن يحيى أو يوحنا المعمدان ابن زكريا وأليصابات، أما عيسى أو يسوع فهو ابن مريم وحدها بقدرة الله. وهما نبيان من أنبياء الله ولا فرق بينهما في ذلك. فعن نبوة يحيى أو يوحنا المعمدان، نقرأ على لسان النبي زكريا: “وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ”. (لوقا 76:1)

وعن نبوة عيسى أو يسوع، نقرأ على لسانه وفقا لما نُقل عنه في العهد الجديد: “مَنْ يَقْبَلُكُمْ يَقْبَلُنِي، وَمَنْ يَقْبَلُني يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا بِاسْمِ بَارّ فَأَجْرَ بَارّ يَأْخُذُ” (متى 40:10-41)

انقر هنا لمطالعة قصة النبي يحيى لأنها جزء لا يتجزأ من قصة النبي زكريا!

_________

المراجع:

  1. القرآن الكريم
  2. الكتاب المقدس

_________

اقرأ أيضا:

1-النبي آدم عليه السلام

2-النبي إدريس عليه السلام

3-النبي نوح عليه السلام

4-النبي لوط عليه السلام

5-النبي إبراهيم عليه السلام

6-النبي شعيب عليه السلام

7-النبي إسماعيل عليه السلام

8-النبي إسحاق عليه السلام

9-النبي يعقوب عليه السلام

10-النبي يوسف عليه السلام

11-النبي أيوب عليه السلام

12-النبي يونس عليه السلام

13-النبي موسى عليه السلام

14-النبي هارون عليه السلام

15-النبي اليسع عليه السلام

16-النبي إلياس عليه السلام

17-النبي داود (داوود) عليه السلام

18-النبي سليمان عليه السلام

20-النبي يحيى عليه السلام

21-النبي عيسى عليه السلام

22-النبي محمد صلى الله عليه وسلم

مواضيع ذات صلة