مما وصف به يسوع المسيح عليه السلام في الكتاب المقدس أنه “عبد الله”، ولكن للأسف حرفت كلمة “عبد” في معظم الترجمات العربية إلى كلمات توهم نفي عبودية السيد المسيح لله عز وجل مثل “فتى” و”ابن”، إلا أن كلمة “عبد” هي الترجمة الصحيحة لكلمة “بايس” اليونانية παῖς التي تعني العبد أو الخادم، أما كلمة فتى أو ابن، فمقابلها في اليونانية “هُوِيوُس” υἱός، والكلمات المستخدمة في هذا المقال للدلالة على عبودية المسيح أصلها اليوناني “بايس” (παῖς) وليس “هُوِيوُس” (υἱός).
فعلى سبيل المثال، نجد أن كلمة “ابن” في وصف السيد المسيح بأنه “ابن الإنسان” أصلها اليوناني “هُوِيوُس” (υἱός)، فنحن نقرأ: فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ». (متى 20:8)
وفيما يلي الأصل اليوناني للعدد السابق:
καὶ λέγει αὐτῷ ὁ Ἰησοῦς αἱ ἀλώπεκες φωλεοὺς ἔχουσιν καὶ τὰπετεινὰ τοῦ οὐρανοῦ κατασκηνώσεις ὁ δὲ υἱὸς τοῦ ἀνθρώπου οὐκ ἔχειποῦ τὴν κεφαλὴν κλίνῃ
فنلاحظ أن كلمة “ابن” هنا هي “هُوِيوُس” (υἱός).
وسنرى في الأمثلة التالية أن يسوع المسيح موصوف بأنه “بايس” (παῖς) أي عبد وليس “هُوِيوُس” (υἱός) أي ابن.
فنحن نقرأ في الترجمة الكاثوليكية: “لِيَتِمَّ ما قيلَ على لِسانِ النَّبِيِّ أَشَعْيا: هُوَذا عَبْدِيَ الَّذي اختَرتُه حَبيبيَ الَّذي عَنهُ رَضِيت. سَأَجعَلُ رُوحي علَيه فيُبَشِّرُ الأُمَمَ بِالحَقّ”. (متى 17:12-18)
وفيما يلي الأصل اليوناني للعدد السابق:
ἵνα πληρωθῇ τὸ ῥηθὲν διὰ Ἠσαΐου τοῦ προφήτου λέγοντος ἰδοὺ ὁ παῖς μου ὃν ᾑρέτισα ὁ ἀγαπητός μου εἰς ὃν εὐδόκησεν ἡψυχή μου θήσω τὸ πνεῦμά μου ἐπ’ αὐτόν καὶ κρίσιν τοῖς ἔθνεσινἀπαγγελεῖ
وعلى الرغم من الخلاف بين المسيحيين والمسلمين على هذه الأعداد، فيذهب المسيحيون إلى أن المراد بها هو السيد المسيح ويذهب المسلمون إلى أن المراد بها هو النبي محمد، إلا أننا إذا سلمنا بأن المراد بها هو السيد المسيح فهذا يعني أنه عبد لله إذ نلاحظ أنه موصوف بأنه “بايس” (παῖς) أي عبد.
والأمثلة على ذلك كثيرة في العهد الجديد، فنحن نقرأ:
“إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه” (أعمال الرسل 13:3)
ὁ θεὸς Ἀβραὰμ καὶ ὁ θεὸς Ἰσαὰκ καὶ ὁ θεὸς Ἰακώβ ὁ θεὸς τῶνπατέρων ἡμῶν ἐδόξασεν τὸν παῖδα αὐτοῦ Ἰησοῦν ὃν ὑμεῖς μὲνπαρεδώκατε καὶ ἠρνήσασθε κατὰ πρόσωπον Πιλάτου κρίναντος ἐκείνουἀπολύειν
ونقرأ أيضا: “فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه” (أعمال الرسل 26:3)
ὑμῖν πρῶτον ἀναστήσας ὁ θεὸς τὸν παῖδα αὐτοῦ ἀπέστειλεν αὐτὸνεὐλογοῦντα ὑμᾶς ἐν τῷ ἀποστρέφειν ἕκαστον ἀπὸ τῶν πονηριῶν ὑμῶν
كما نقرأ أيضا: “تحالَفَ حَقًّا في هذهِ المَدينةِ هِيرودُس وبُنْطيوس بيلاطُس والوَثَنِيُّونَ وشُعوبُ إِسرائيلَ على عَبدِكَ القُدُّوسِ يسوعَ الَّذي مَسَحتَه” (أعمال الرسل 27:4)
συνήχθησαν γὰρ ἐπ’ ἀληθείας ἐν τῇ πόλει ταύτῃ ἐπὶ τὸν ἅγιον παῖδά σου Ἰησοῦν ὃν ἔχρισας Ἡρῴδης τε καὶ Πόντιος Πιλᾶτος σὺνἔθνεσιν καὶ λαοῖς Ἰσραήλ
ونقرأ: “باسِطًا يدَكَ لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع” (أعمال الرسل 30:4)
ἐν τῷ τὴν χεῖρά σου ἐκτείνειν σε εἰς ἴασιν καὶ σημεῖα καὶ τέραταγίνεσθαι διὰ τοῦ ὀνόματος τοῦ ἁγίου παιδός σου Ἰησοῦ
وفي الحقيقة، لم يقتصر وصف السيد المسيح بأنه “عبد” في اليونانية على كلمة “بايس” (παῖς)، وإنما وصف أيضا بأنه “دولوس” (δοῦλος)، وهي كلمة يونانية تعني “عبد” أيضا، فنحن نقرأ: “هو الَّذي في صُورةِ الله لم يَعُدَّ مُساواتَه للهِ غَنيمَة بل تَجرَّدَ مِن ذاتِه مُتَّخِذًا صُورةَ العَبْد وصارَ على مِثالِ البَشَر وظَهَرَ في هَيئَةِ إِنْسان” (فيلبي 2 :5-7)
ὃς ἐν μορφῇ θεοῦ ὑπάρχων οὐχ ἁρπαγμὸν ἡγήσατο τὸ εἶναι ἴσα θεῷ ἀλλὰ ἑαυτὸν ἐκένωσεν μορφὴν δούλου λαβών ἐν ὁμοιώματιἀνθρώπων γενόμενος καὶ σχήματι εὑρεθεὶς ὡς ἄνθρωπος
ومن ثم، فإن يسوع المسيح عبد الله بنص الكتاب المقدس لاسيما عهده الجديد، وهي حقيقة تحاول الترجمات العربية للكتاب المقدس إخفاءها وطمسها ولكن تثبتها المخطوطات الأصلية للكتاب المقدس المكتوبة باللغة اليونانية.
_________
المراجع:
1- الكتاب المقدس
2- موقع “blueletterbible.org”
3- موقع “biblehub.com”
4- موقع “albishara.org”
اقرأ أيضا
هل يسوع الألف والياء والبداية والنهاية والأول والآخر؟
هل يسوع هو الحياة أو الواهب للحياة؟
هل يسوع نبي الله أو رسول الله؟