اليهودية والمسيحية والإسلام: أصول أسمائها ورسالاتها

من هو يسوع (عيسى) على لسان يسوع؟

الله

في العهد الجديد، تتعدد المواضع التي ينقل عن يسوع قوله أنه “في الله” وأن “الله فيه”. فنحن نقرأ: “وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ”. (يوحنا 38:10).

كما نقرأ: “أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا”. (يوحنا 14 :10-11).

ولكن هل تعني الآيات السابقة أن الله في يسوع أو أن يسوع في الله أو أن يسوع هو الله أو أنه ابن الله على سبيل الحقيقة؟

في الواقع، ليست الآيات السابقة على حقيقتها وإنما هي على سبيل المجاز. ولقد ورد الدليل على ذلك على لسان يسوع نفسه أيضًا. فإننا نجد بعض الآيات في العهد الجديد تبين أن الله في غير يسوع وأن من هو غير يسوع في الله أيضا.

ففي الآيات التالية، نجد أن يسوع يقول أن حوارييه في الله كما أنه في الله.

فنحن نقرأ: “لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي”. (يوحنا 17 :21-23).

كما نقرأ: “فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ”. (يوحنا 20:14)، كما نقرأ أيضا: “لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ”. (متى 20:10)،

ونقرأ أيضا: “وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ، إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنًا فِيكُمْ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَذلِكَ لَيْسَ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ، فَالْجَسَدُ مَيِّتٌ بِسَبَبِ الْخَطِيَّةِ، وَأَمَّا الرُّوحُ فَحَيَاةٌ بِسَبَبِ الْبِرِّ. وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ”. (رومية 8 :9-11).

“وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ: ‘إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا’”. (2 كورنثوس 16:6).

وإذا كان الله في الحواريين والحواريون في الله أيضا كيسوع، فهل يعني ذلك أنهم الله أو أنهم أبناء الله؟ بالطبع لا، لاسيما وأن العهد الجديد ينقل أيضا عن يسوع قوله أنه في أتباعه وأن أتباعه فيه. فنحن نقرأ: “مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ”. (يوحنا 56:6)، كما نقرأ: “فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ”. (يوحنا 20:14).

كما نقرأ أيضا: “أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجًا كَالْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ، فَيَحْتَرِقُ. إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ”. (يوحنا 15 :1-7)

ويذكر العهد الجديد أن المسيح كائن في أتباعه حتى بعد رفعه. فنحن نقرأ: “جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِي الإِيمَانِ؟ امْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنْفُسَكُمْ، أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ فِيكُمْ، إِنْ لَمْ تَكُونُوا مَرْفُوضِينَ؟” (2 كورنثوس 5:13)، كما نقرأ: “أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ، إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ، أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ، وَهؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ”. (يوحنا 17 :25-26).

كما نجد حواريي يسوع يقولون في العهد الجديد تارة أن الله فيهم وتارة أن يسوع فيهم أيضا. فنحن نقرأ: “وَلكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْمًا وَدَمًا” (غلاطية 1 :15-16).

كما نقرأ: “غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ: ‘أَنَّ الَّذِي كَانَ يَضْطَهِدُنَا قَبْلاً، يُبَشِّرُ الآنَ بِالإِيمَانِ الَّذِي كَانَ قَبْلاً يُتْلِفُهُ’. فَكَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ فِيَّ”. (غلاطية 1 :23-24)، كما نقرأ أيضا: “مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي”. (غلاطية 20:2)، ونقرأ: “لِكَيْ يَزْدَادَ افْتِخَارُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ فِيَّ، بِوَاسِطَةِ حُضُورِي أَيْضًا عِنْدَكُمْ”. (فيلبي 26:1)،

والسؤال الآن هو: هل الآيات السابقة تعني أن الحواريين أو أتباع المسيح هم أبناء الله أو أبناء المسيح على سبيل الحقيقة لأنه فيهم وهم فيه؟

في الحقيقة، ليس المقصود بكون الله في يسوع وكون يسوع في الله أن يسوع هو الله أو حتى أنه ابن الله وإنما المقصود قرب يسوع من الله وشدة اتصاله به حيث أنه نبي ورسول من أنبيائه ورسله. ويدل على ذلك استحالة كون الله في يسوع وكونه ساكنًا في حواريي أو أتباع يسوع وإنما ذلك كناية عن قرب الحواريين من الله إلها وكذلك من يسوع معلما وشدة تعلقهم وارتباطهم بهما. ومعنى كون الله في يسوع أو في حوارييه أو أتباعه معية الله ونصره وتأييده لهم.

_________

المراجع:

1- الكتاب المقدس

2- موقع الأنبا تكلا

 

اقرأ أيضا

هل يسوع نور العالم؟

هل يسوع الألف والياء والبداية والنهاية والأول والآخر؟

هل يسوع هو الحياة أو الواهب للحياة؟

هل يسوع هو الطريق والحق؟

هل يسوع هو المخلص؟

هل يسوع كلمة الله؟

هل يسوع نبي الله أو رسول الله؟

هل يسوع والله واحد؟

هل يسوع ابن الله؟

هل يسوع عبد الله؟

 

مواضيع ذات صلة