الفرق بين القرآن وأهم كتب الديانات الحالية

خصائص العقيدة الإسلامية

خصائص العقيدة الإسلامية

العقيدة الإسلامية عقيدة واضحة لا غموض فيها ولا تعقيد

أولا: الوضوح

العقيدة الإسلامية عقيدة واضحة لا غموض فيها ولا تعقيد، فهي تتلخص في أن لهذه المخلوقات إلها واحدًا مستحقا للعبادة هو الله تعالى الذي خلق الكون البديع المنسق وقدر كل شيء فيه تقديرًا، وأن هذا الإله ليس له شريك ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد. فهذا الوضوح يناسب العقل السليم لأن العقل دائمًا يطلب الترابط والوحدة عند التنوع والكثرة، ويريد أن يرجع الأشياء المختلفة إلى سبب واحد.

وكما أن العقيدة الإسلامية واضحة فهي كذلك لا تدعو إلى الاتباع الأعمى بل على العكس فإنها تدعو إلى التبصر والتعقل، قال تعالى:

قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين (يوسف 108:12)

ولأن العقيدة مما تحار العقول المجردة فيها ولا تصل إلى إدراكها إلا من طريق الشارع الحكيم، فقد رجع كثير من الفلاسفة وأهل الكلام من المسلمين عن مناهجهم العقلية المجردة إلى منهج الكتاب والسنة ومن هؤلاء الفخر الرازي، وهو من كبار الفلاسفة المسلمين إذ يقول بعد عمر طويل في البحث العقلي:

نهـاية إقـدام العقـول عقــال
وأكثر سعـي العاملـين ضـلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا
وحاصـل دنينـا آذى ووبـال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا
سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

ثم قال (ولقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلًا ولا تروي غليلا ورأيت أن أقرب الطرق طريقة القرآن. اقرأ في الإثبات ((الرحمن على العرش استوى)) ((إليه يصعد الكلم الطيب)) وأقرأ في النفي ((ليس كمثله شيء)) ((ولا يحيطون به علمًا)) ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي).

ثانيًا: فطرية العقيدة الإسلامية

إن العقيدة الإسلامية ليست غريبة عن الفطرة السليمة ولا مناقضة لها، بل هي على وفاق تام وانسجام كامل معها. وليس هذا بالأمر الغريب إذ إن خالق الإنسان العليم بحاله هو الذي شرع له من الدين ما يناسب فطرته التي خلقه عليها، كما قال تعالى:

فطرة الله التي فطر الناس عليه لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم (الروم 30:30)

وقوله

ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير (الملك 14:67)

والواقع شاهد على موافقة الفطرة للعقيدة الإسلامية القائمة على الإخلاص لله وحده، فما أن يصاب الإنسان بضر تعجز أمامه القوى المادية؛ إلا ويلجأ إلى الله تعالى في تذلل وخضوع، ويستوي في ذلك الكافر والمؤمن، بل حتى الطفل الصغير فإنه لو ترك على حاله دون أن يؤثر عليه والداه أو البيئة من حوله لنشأ معتقدًا بالله تعالى ربا وإلها لا يعبد سواه، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه)

ثالثًا: عقيدة توقيفية مبرهنة

تتميز العقيدة الإسلامية بأنها توقيفية فلا تجاوز فيها للنصوص المثبتة لها كما أنها عقيدة مبرهنة تقوم على الحجة والدليل، ولا تكتفي في تقرير قضاياها بالخبر المؤكد والإلزام الصارم، بل تحترم العقول والمبادئ التي يقوم عليها الدين كله ذلك أنها لا تثبت في جميع جزئياتها وكلياتها إلا بدليل من الكتاب أو السنة. بل إن أتباعها منهيون عن الخوض في مسائلها إلا عن علم وبرهان قال تعالى:

ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا (الإسراء 36:17)

وقال:

وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون (التوبة 115:9)

كما أن القرآن الكريم حين يدعو الناس إلى الإيمان بمفردات العقيدة يقيم على ذلك الأدلة الواضحة من آيات الأنفس والآفاق، فلا يدعوهم إلى التقليد الأعمى أو الاتباع على غير هدى، بل إنه يأمرهم أن يطلبوا البرهان والدليل، قال تعالى:

قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين (البقرة 111:2)

ويترتب على البرهنة والتوفيقية ما يلي:

1-تحديد مصادر العقيدة من الكتاب والسنة.
2-الالتزام بألفاظ الكتاب والسنة المعّبر بها عن الحقائق العقدية.
3-استعمال تلك الألفاظ فيما سيقت لأجله.
4-عدم تحميل تلك الألفاظ ما لا تحتمل من المعاني.
5-السكوت عن ما سكت عنه الكتاب والسنة وذلك بتفويض علمه إلى الله تعالى.
6-أن نقدم دلالة الكتاب والسنة على ما سواهما من عقل أو حس أو ذوق أو غير ذلك من وسائل المعرفة.

ومن أمثلة الدلائل التي ساقها الله عز وجل في القرآن الكريم القائمة على البراهين ما يلي :

1-الدليل العقلي قال تعالى:

أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون. (الطور 35:52)

2-الدليل من الأنفس قال تعالى:

وفي أنفسكم أفلا تبصرون. (الذاريات 21:51)

3-الدليل من الآفاق قال تعالى:

مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان. (الرحمن 19:55)

رابعًا: عقيدة ثابتة ودائمة

لمّا كانت العقيدة الإسلامية تقوم على الدليل والبرهان لزم أن تكون عقيدة ثابتة ودائمة، قال الله تعالى:

لا تبديل لكلمات الله (يونس 64:10)

وسبب هذا هو ثبوت مصادرها ودوامها لأن الله تعالى تكفل بحفظها

إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (الحجر 9:15)

فهي عقيدة ثابتة ومحددة لا تقبل الزيادة ولا النقصان، ولا التحريف ولا التبديل.

فليس لحاكم أو مجمع من المجامع العلمية أو مؤتمر من المؤتمرات الدينية، ليس لأولئك جميعا ولا لغيرهم أن يضيفوا إليها شيئًا أو يحذفوا منها شيئا وكل إضافة أو تحوير مردودة على صاحبها يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أي مردود عليه، وقد هدد القرآن الكريم العلماء خاصة من أن تميل بهم الأهواء والأطماع أو الإغراءت المادية فيزيدوا أو ينقصوا شيئًا من الدين، قال الله تعالى

فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون، (البقرة 79:2)

وعلى هذا فكل البدع والأساطير والخرافات التي دست في بعض كتب المسلمين أو أشيعت بين عامتهم باطلة مردودة لا يقرها القرآن ولا تؤخذ حجة عليه. وإنما الحجة فيما ثبت من نصوصه فقط، كما قال الله تعالى:

رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل. (النساء 165:4)

خامسًا: إنها عقيدة وسط لا إفراط فيها ولا تفريط

إن العقيدة الإسلامية وسط بين الذين ينكرون كل ما وراء الطبيعة مما لم تصل إليه حواسهم وبين الذين يثبتون للعالم أكثر من إله والذين يحلون روح الإله في الملوك والحكام، بل وفي بعض الحيوانات والنباتات والجمادات؟ فقد رفضت العقيدة الإسلامية الإنكار الملحد كما رفضت التعدد الجاهل والإشراك الغافل وأثبتت للعالم إلهًا واحدًا لا شريك له. كما إنها وسط في الصفات الواجبة لله تعالى فلم تسلك سبيل الغلو في التجريد فتجعل صفات الإله صورًا ذهنية مجردة عن معنى قائم بذاته لا توحي بخوف ولا رجاء، كما فعلت الفلسفة اليونانية، ولم تسلك كذلك سبيل التشبيه والتمثيل والتجسيم كما فعلت بعض العقائد حيث جعلت الإله كأنه أحد المخلوقين يلحقه ما يلحقهم من نقص وعيوب، فالعقيدة الإسلامية تنزه الله تعالى إجمالًا عن مشابهة المخلوقين بقواعد مثل قوله تعالى:

ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (الشورى 11:42)

وقوله:

ولم يكن له كفوا أحد (الإخلاص 4:112)

وقوله:

هل تعلم له سميا (مريم 65:19)

ومع هذا تصفه بصفات إيجابية فعّاله تبعث الخوف والرجاء في نفوس العباد كما في قوله تعالى:

الله لا اله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات و ما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيدهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. (البقرة 255:2)

ثم إنها وسط بين التسليم الساذج والتقليد الأعمى في العقائد وبين الغلو والتوغل بالعقل لإدراك كل شيء حتى الألوهية فهي تنهى عن التقليد الأعمى، حيث عاب الله على القائلين

إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون (الزخرف 43:23)

وتنهى عن التوغل بالعقل لإدراك كيفية صفات الرب عز وجل فقال تعالى:

ولا يحيطون به علما (طه 110:20)

وقال:

ولا تقف ما ليس لك به علم (الإسراء 36:17)

وتدعوهم إلى التوسط والأخذ بالمدركات كوسائط، قال تعالى:

وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون. (الذاريات 20:51)

المصدر: .islamtoday.net

مواضيع ذات صلة