اليهودية والمسيحية والإسلام: أصول أسمائها ورسالاتها

الله هو الرزّاق & الرازق

الرازق

كيف يكون السيد المسيح إلها وقد كان مرزوقا ولم يكن رزّاقا أو رازقا؟

من أسماء الله وصفاته “الرزّاق” و”الرازق”. فإن من يؤمن بإله لهذا الكون، يؤمن بالضرورة بأنه رازق له. فهذا الإله هو الرزّاق الذي لا رازق غيره.

الرزّاق & الرازق في الإسلام

كثيرا ما يذكر القرآن الكريم أن الله هو من يرزق عباده. فهو وحده “الرزّاق”، الذي يرزق غيره، ولا يبتغي الرزق من عند غيره. فعلى سبيل المثال، نقرأ في القرآن الكريم:

إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرزّاق ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (الذاريات 58:51)

وكما يوصف الله تعالى بأنه “الرزّاق”، يوصف أيضا بأنه “الرازق” بل وأنه “خير الرازقين”. فنحن نقرأ:

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (سبأ 39:34)

ولقد ورد هذا الوصف على لسان السيد المسيح نفسه عندما طلب من الله عز وجل أن ينزل عليه وعلى حوارييه مائدة من السماء تثبيتا لإيمانهم. فنحن نقرأ:

إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ. قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (المائدة 5 :112-114)

ويؤكد القرآن الكريم أن الله تعالى هو المتحكم في الرزق بسطا وقبضا، فنحن نقرأ:

وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (البقرة 245:2)

كما نقرأ أيضا:

إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (الإسراء 30:17)

ولذلك، إلى جانب “الرزّاق” و”الرازق”، كان من أسماء الله وصفاته المرتبطة بالرزق “الباسط” و”القابض”.

الرزّاق & الرازق في المسيحية

يخبرنا الكتاب المقدس في عهده القديم أن الله تعالى هو “الرزّاق” و”الرازق”. فعلى سبيل المثال، يحكي لنا الكتاب المقدس أن الله تعالى بعدما خلق آدم وحواء أخبرهم أنه قد رزقهم كل بقل وكل ثمر على وجه الأرض، كما رزق الحيوانات والطيور والدواب كل عشب أخضر.

فنحن نقرأ: وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْل يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا. وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا». وَكَانَ كَذلِكَ. (التكوين 1 :29-30)

كما يحكي لنا الكتاب المقدس أن الله تعالى هو الذي أنبت من الأرض الشجر الذي يصلح ثمره للأكل. فنحن نقرأ: “وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ” (التكوين 9:2)

كما يخبرنا الكتاب المقدس أن الله قد وعد النبي نوح وبنيه أن يرزقهم كل دابة حية ومن العشب الأخضر كي يصير لهم طعاما بعد الطوفان العظيم. فنحن نقرأ: “كُلُّ دَابَّةٍ حَيَّةٍ تَكُونُ لَكُمْ طَعَامًا. كَالْعُشْبِ الأَخْضَرِ دَفَعْتُ إِلَيْكُمُ الْجَمِيعَ”. (التكوين 3:9)

ويروي لنا العهد القديم أن الله قد رزق بني إسرائيل لحما في المساء وخبزا في الصباح بعد خروجهم من مصر كدليل على ألوهيته تعالى وربوبيته. فنحن نقرأ: فَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: «سَمِعْتُ تَذَمُّرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. كَلِّمْهُمْ قَائِلاً: فِي الْعَشِيَّةِ تَأْكُلُونَ لَحْمًا، وَفِي الصَّبَاحِ تَشْبَعُونَ خُبْزًا، وَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ». (خروج 16 :11-12)

وفي عهده الجديد، يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح علّم حوارييه أن يطلبوا الخبز أي الرزق من الله (المسمى بـ”الآب”). فنحن نقرأ: “فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ” (متى 9:6-13)

كما يخبرنا العهد الجديد أن السيد المسيح كان يأكل ويشرب من رزق الله. فنحن نقرأ: ” وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ، وَمُتَعَجِّبُونَ، قَالَ لَهُمْ: ‘أَعِنْدَكُمْ ههُنَا طَعَامٌ؟’ فَنَاوَلُوهُ جُزْءًا مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَشَيْئًا مِنْ شَهْدِ عَسَل، فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ” (لوقا 24 :41-43)

كما نقرأ أيضا: “فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً، فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: ‘أَعْطِينِي لأَشْرَبَ’ لأَنَّ تَلاَمِيذَهُ كَانُوا قَدْ مَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبْتَاعُوا طَعَامًا”. (يوحنا 4 :7-8)

والسؤال الآن هو: إذا كان الله عز وجل قد رزق آدم ونوحا وموسى قبل ميلاد السيد المسيح، وإذا كان السيد المسيح قد علّم أتباعه طلب الخبز (الرزق) من الله وإذا كان المسيح قد أكل وشرب من رزق الله شأنه شأن جميع مخلوقات الله، فكيف يكون المسيح إلها؟

لا شك بعد كل ما سبق في أن السيد المسيح يستحيل أن يكون “رزّاقا” ولا “رازقا”، بل إنه كان مرزوقا، شأنه شأن جميع البشر.

_________

المراجع:

1- القرآن الكريم

2- الكتاب المقدس

مواضيع ذات صلة