تكريم المرأة بين الإسلام والمسيحية

الله هو رب السماء والأرض

من أسماء الله وصفاته “رب السماء والأرض”. فمن البديهي أن يوصف إله هذا الكون بأنه “رب السماء والأرض”، فهو الخالق لهما دون غيره.

رب السماء والأرض في الإسلام

يوصف الإله في التصور الإسلامي بـ”رب السماء والأرض”. فنحن نقرأ على سبيل المثال:

فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (الذاريات 23:51)

كما يوصف أيضا بـ”رب السماوات والأرض”. فنحن نقرأ على سبيل المثال:

قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا (الرعد 16:13)

كما نقرأ أيضا:

رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (مريم 65:19)

أسماء الله وصفاته

كيف يكون السيد المسيح إلها وهو لم يصف نفسه ولم يصفه غيره بأنه “رب السماء والأرض”؟

ولقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يستخدم اسم “رب السماوات والأرض” في دعائه لاسيما عند الكرب. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم (رواه البخاري في صحيحه)

كما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يناجي ربه بهذا الاسم إذا تهجد من الليل. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تهجد من الليل قال: “اللهم ربنا لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد…” (رواه البخاري في صحيحه)

رب السماء والأرض في المسيحية

من المعلوم أن السيد المسيح هو في المسيحية أحد أقانيم ثلاثة يتكون منها الله، ولكن من الغريب أننا لا نجد السيد المسيح موصوفا في الكتاب المقدس بـ”رب السماء والأرض”، ولكننا نجده يصف الله تعالى (المسمى بـ”الآب”) في العهد الجديد بأنه “رب السماء والأرض”. فنحن نقرأ: “فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: ‘أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ’”. (متى 25:11)

كما أننا نجد بولس في سفر أعمال الرسل يصف الله تعالى بـ”رب السماء والأرض”. فنحن نقرأ: “لأَنَّنِي بَيْنَمَا كُنْتُ أَجْتَازُ وَأَنْظُرُ إِلَى مَعْبُودَاتِكُمْ، وَجَدْتُ أَيْضًا مَذْبَحًا مَكْتُوبًا عَلَيْهِ: ‘لإِلهٍ مَجْهُول’. فَالَّذِي تَتَّقُونَهُ وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَهُ، هذَا أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ. الإِلهُ الَّذِي خَلَقَ الْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ، هذَا، إِذْ هُوَ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي” (أعمال الرسل 17 :23-24)

والسؤال الآن هو: كيف يكون السيد المسيح إلها وهو لم يصف نفسه ولم يصفه غيره بأنه “رب السماء والأرض”، بل إنه وصف الله بهذا الوصف ولا يوجد مثل هذا الوصف للسيد المسيح في الكتاب المقدس؟

المسيح “سيد” وليس “رب” في الكتاب المقدس

جدير بالذكر أن تسمية السيد المسيح باسم “الرب” في حد ذاتها تسمية مغلوطة غير دقيقة، لأن أصلها في اليونانية القديمة التي كتبت بها أقدم مخطوطات العهد الجديد كلمة “كريوس”. وكانت هذه الكلمة تكتب للإشارة إلى الله عز وجل بمعنى “الرب” وإلى غيره من البشر بمعنى “السيد” دون فرق في الكتابة، أي بنفس الحروف دون تمييز.

ولما ترجمت المخطوطات الأصلية من اليونانية القديمة إلى اللغات الأخرى، حدث التحريف في هذا اللفظ. فعلى سبيل المثال، نجد كلمة “رب” في النسخة الإنجليزية من الكتاب المقدس تُبدأ بحرف كبير “Lord” عند الإشارة إلى الله والسيد المسيح على حد سواء، أما عند استعمالها مع غير الله والسيد المسيح فتُبدأ بحرف صغير. ولا شك أن ذلك فيه ما فيه من التحريف والإلباس لأن هذا الاستعمال يوهم ربوبية السيد المسيح على خلاف ما ورد في المخطوطات الأصلية التي لم تفرق بين استعمال كلمة “كريوس” للإشارة إلى الله وإلى غيره.

وكما طال التحريف الترجمة الإنجليزية، طال أيضا الترجمة العربية، فنجد كلمة “كريوس” تترجم في العربية إلى “رب” عند استعمالها مع الله والسيد المسيح إلى حد سواء، ولكن تترجم إلى “سيد” عند استعمالها مع غير الله والسيد المسيح.

فعلى سبيل المثال، يحكي لنا الكتاب المقدس أن بني حث قالوا للنبي إبراهيم “يا سيدي”. ففي العهد القديم، نحن نقرأ: «اِسْمَعْنَا يَا سَيِّدِي. أَنْتَ رَئِيسٌ مِنَ اللهِ بَيْنَنَا. فِي أَفْضَلِ قُبُورِنَا ادْفِنْ مَيْتَكَ، لاَ يَمْنَعُ أَحَدٌ مِنَّا قَبْرَهُ عَنْكَ حَتَّى لاَ تَدْفِنَ مَيْتَكَ». (التكوين 6:23)

وفيما يلي النص الأصلي للآية السابقة باللغة اليونانية القديمة:

μή κύριε ἄκουσον δὲ ἡμῶν βασιλεὺς παρὰ θεοῦ εἶ σὺ ἐν ἡμῖν ἐν τοῖς ἐκλεκτοῖς μνημείοις ἡμῶν θάψον τὸν νεκρόν σου οὐδεὶς γὰρ ἡμῶν τὸ μνημεῖον αὐτοῦ κωλύσει ἀπὸ σοῦ τοῦ θάψαι τὸν νεκρόν σου ἐκεῖ

وينقل الكتاب المقدس في عهده الجديد عن السيد المسيح قوله مخاطبا أتباعه: “كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟” (متى 22:7)

وفيما يلي النص الأصلي للآية السابقة باللغة اليونانية القديمة:

πολλοὶ ἐροῦσίν μοι ἐν ἐκείνῃ τῇ ἡμέρᾳ κύριε κύριε οὐ τῷ σῷὀνόματι ἐπροφητεύσαμεν καὶ τῷ σῷ ὀνόματι δαιμόνια ἐξεβάλομεν καὶτῷ σῷ ὀνόματι δυνάμεις πολλὰς ἐποιήσαμεν

فنلاحظ أن نفس الكلمة “κύριε” المشتقة من كلمة κύριος التي تنطق “kurios” بالإنجليزية و”كريوس” بالعربية وتعني “رب” و”سيد” في نفس الوقت لم تختلف في استخدامها مع السيد المسيح عنها مع النبي إبراهيم في أقدم مخطوطات العهد الجديد المكتوبة باللغة اليونانية القديمة، إلا أن المحرفين فرقوا بينهما في ترجمات الكتاب المقدس، فجُعل السيد المسيح “رباً”، بينما جُعل النبي إبراهيم “سيداً” في الترجمة العربية بالرغم من تطابق الكلمة المستخدمة معهما في المخطوطات الأصلية.

_________

المراجع:

1- القرآن الكريم

2- صحيح البخاري

3- الكتاب المقدس

4- موقع “blueletterbible.org”

5- موقع “biblehub.com”

مواضيع ذات صلة