دائما تطل علينا أواخر السنة الشمسية الميلادية ذكرى أعياد الميلاد وارتبطت به شعائر كنسية كهنوتية حتى صارت من أعلام المسيحية، وأضيفت صبغات غربية على الحدث من شجرة الكرسماس وبابا نويل إلى آخر ذلك الطقوس الحديثة. ولكن يبقى السؤال أين المسيح وتعاليمه من تلك البدع المسيحية وهل تلقى فعلا قبولا فى تعاليه؟
التأريخ لميلاد المسيح عليه السلام
بداية تشوب هذا الحدث عدة تناقضات ينبغى بيانها:
أولا: تحديد مولد المسيح عليه السلام وتحديد موته وفقا للتقويم المتبع ففي المسيحية الغربية وبعض الكنائس الشرقية يكون مولد المسيح فى 25 ديسمبر،
و7 يناير لمن يتبع التقويم اليولياني من الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والمشرقية
و6 يناير لدى الكنيسة الرسولية الأرمنيّة (جمع بين عيدي الغطاس والميلاد)
و19 يناير لدى الكنيسة الأرمنية في القدس (جمع بين عيدي الغطاس والميلاد على التقويم اليولياني).
ثانيا: أن المسيح -عليه السلام- لم يدع أتباعه إلى الاحتفال بمولده ولا حدث هذا من أتباعه فى حياته ولا جعل التقويم وفقا لمولده ولا مماته فكل ذلك من إحداثات مجمع نيقية -325 بعد الميلاد- الوثنية . وعيد الميلاد إنما هو بدعة ظهرت بعد موت المسيح للجمع بين العقائد الوثنية للرومان والمسيحية التى اعتنقها كثير منهم فلما كانوا حديثى العهد بالوثنية نقل منهم من سلك طريق الرهبنة هذه العقائد إلى المسيحية . فنجد هربرت أرمسترونج يتسائل في كتابه “الحقيقة الصريحة في أمر عيد الميلاد The Plain Truth about Christmas”” تساؤلات عدة، من بينها:
(من أين جاءنا عيد الميلاد ؟ من الكتاب المقدس أم من الوثنية ؟ إليك الحقائق المثيرة للدهشة-في هذا الصدد-التي ربما تمثل صدمة بالنسبة لك ..)
وتحت عنوان (ماذا تقول دوائر المعارف ؟) أكد الكاتب في الصفحة الثامنة أن كلمة “عيد الميلاد” (لم ترد لا في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ، ولم تنقل عن الحواريين ، وإنما تسربت إلى النصرانية من الوثنية) .
وينسب أصل تلك الطقوس إلى الكنيسة الكاثوليكية الشرقية وينقل ما جاءت به دائرة المعارف الكاثوليكية عن هذا الاحتفال في طبعة 1911 م وهذا نصه :
“لم يكن عيد الميلاد واحداً من الأعياد الأولى للكنيسة الكاثوليكية ، وأول دليل على هذا الاحتفال إنما جاء من مصر .. فقد تحولت العادات الوثنية الخاصة ببداية شهر يناير في التقويم الروماني القديم ، تحولت إلى عيد الميلاد ، ويعترف أول الآباء الكاثوليك بالحقيقة التالية : لم يسجل الكتاب المقدس أن أحداً كان يحتفل أو أقام مأدبة كبيرة بمناسبة يوم ميلاده ، إن الآثمين والخطائين -مثل فرعون وهيرود-هم وحدهم الذين يجعلون من يوم مجيئهم إلى هذا العالم مناسبة للابتهاج العظيم” .
وينقل عن دائرة المعارف الأمريكية في طبعة 1944 م قولها :
“وفي القرن الرابع الميلادي بدأ الاحتفال لتخليد ذكرى هذا الحدث أي ميلاد المسيح ، وفي القرن الخامس أمرت الكنيسة الغربية بأن يحتفل به إلى الأبد في يوم الاحتفال الروماني القديم بميلاد “سول” ، نظراً لعدم معرفة ميلاد المسيح معرفة مؤكدة”.
ثانيا: شجرة الكرسماس
أما شجرة الكرسماس -عادة ما تكون الشجرة صنوبرية أو مخروطية خضراء مثل شجرة التنوب أوالصنوبر أو شجرة سرو أو شجرة اصطناعية من مظهر مماثل، -فتظهر في هذه الطقوس الخاصة بها الاضافات الوثنية التى ظهرت بعد المسيح عليه السلام والواقع أن هذا الطقس الخاص بشجرة الكرسماس لا علاقة له بالكتاب المقدس. فأول ذكر لها في المسيحية –كما جاء فى الموسوعة ويكيبيديا- يعود لعهد البابا القديس بونيفاس (634 – 709) الذي أرسل بعثة تبشيرية لألمانيا، ومع اعتناق سكان المنطقة للمسيحية، لم تلغ عادة وضع الشجرة في عيد الميلاد، بل حولت رموزها إلى رموز مسيحية كما توضع في أعلاها نجمة تشير إلى نجمة بيت لحم التي دلت المجوس في الطريق.
لم تكتف النصرانية بذلك كله بل ابتدعت كثيرا من الاعياد البدعية السابقة واللاحقة للميلاد والتى تفرعت عنه ،والعجيب أن الأصل فاسد فكيف يصلح الفرع. لذلك نعى القرآ عليهم ابتداعهم فى شرائعهم فقال:
“يا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّـهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّـهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا”. (171:4)
كذا نهاهم عن متابعة من سبقهم فى الغى والباطل فقال:
“قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ”.(77:5)
وألزمهم الرجوع إلى كتابهم ليقيموه حق إقامته:
“قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ” (68:5)
المراجع
موسوعة ويكيبيديا
موقع صيد الفوائد