مما لا شك فيه أن الإسلام ليس دينا جديدا من حيث المعتقدات والأركان الأساسية وأغلب التشريعات، وإنما هو رسالة سماوية نزلت على النبي محمد تكملة وختما للرسالات السماوية السابقة وأبرزها ما يسمى حاليا بـ”اليهودية” و”المسيحية”. فالإسلام في اعتقاد المسلمين هو دين جميع الأنبياء بل وربما كان اسما لجميع الرسالات السماوية ودين الله الحق في كل زمان وكل مكان، وهناك من الشواهد والأدلة على ذلك الشيء الكثير. ولا أدل على ذلك من ثبوت أركانه بنصوص الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد على الرغم مما تعرضت له من التحريف والتبديل.
أركان الإيمان (العقيدة) الستة في الكتاب المقدس
للإيمان، أي العقيدة، في الإسلام ستة أركان وهي: 1- الإيمان بالله، 2- الإيمان بالملائكة، 3- الإيمان بالكتب السماوية، 4- الإيمان برسل الله، 5- الإيمان باليوم الآخر، 6- الإيمان بالقدر.
ولقد وردت هذه الأركان منفصلة في القرآن الكريم ومجتمعة في حديث جبريل الطويل، فعن عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه … قال: فأخبرني عن الإيمان قال: “أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت…” (رواه مسلم)
فأما الإيمان بالله، فنجده في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. ففي أول عدد من الكتاب المقدس إقرار بأن الله هو الخالق الذي خلق السماوات والأرض، ففي العهد القديم نقرأ: “فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ”. (التكوين 1:1)
كما أن في الكتاب المقدس إقرارا بأن الله هو الذي خلق الإنسان، فنحن نقرأ: “فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ”. (التكوين 27:1)
كما أن في الكتاب المقدس إقرارا بأن الله هو الإله والرب، فنحن نقرأ: “هذِهِ مَبَادِئُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ حِينَ خُلِقَتْ، يَوْمَ عَمِلَ الرَّبُّ الإِلهُ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ”. (التكوين 4:2)
وبالمثل، نجد في العهد الجديد إقرارا على لسان السيد المسيح نفسه أن العبادة والسجود لا يكونان إلا لله وحده، فنحن نقرأ: حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». (متى 10:4)
وأما الإيمان بالملائكة، فنجده في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. فيخبرنا الكتاب المقدس أن لله تعالى ملائكة، ففي قصة السيدة هاجر في العهد القديم نقرأ: فَوَجَدَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ فِي الْبَرِّيَّةِ، عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي فِي طَرِيقِ شُورَ. وَقَالَ: «يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ، مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ؟ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبِينَ؟». فَقَالَتْ: «أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ». فَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَاخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا». وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ». وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «هَا أَنْتِ حُبْلَى، فَتَلِدِينَ ابْنًا وَتَدْعِينَ اسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ لِمَذَلَّتِكِ…» (التكوين 7:16-11)
وأما العهد الجديد، فعن قصة مولد المسيح نقرأ: وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: “يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ”. (متى 20:1)
وأما الإيمان بالكتب السماوية، فيخبرنا الكتاب المقدس في عهده القديم على سبيل المثال أن الله تعالى أنزل ألواحا مقدسة على سيدنا موسى، فنحن نقرأ: وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اصْعَدْ إِلَيَّ إِلَى الْجَبَلِ، وَكُنْ هُنَاكَ، فَأُعْطِيَكَ لَوْحَيِ الْحِجَارَةِ وَالشَّرِيعَةِ وَالْوَصِيَّةِ الَّتِي كَتَبْتُهَا لِتَعْلِيمِهِمْ». (الخروج 12:24)
وأما العهد الجديد، فنجده مبنيا على الكتب السابقة، فعن قصة مولد المسيح نقرأ: فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ». (متى 3:2-6)
وكثيرا ما نجد السيد المسيح يستشهد بما ورد في الكتب السابقة، فنحن نقرأ على سبيل المثال في قصة التجارب الثلاث: فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا». فَأَجَابَ وَقَالَ: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ». ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ، وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَكَ». ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَل عَال جِدًّا، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا، وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي». حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». (متى 3:4-10)
وأما الإيمان برسل الله، فنجده في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. فأما العهد القديم، فبالرغم من أنه من المفترض أنه قد كتب بعد بعثة النبي موسى عليه السلام، إلا أنه يحدثنا عن أنبياء الله ورسله الذين أرسلوا قبل النبي موسى عليه السلام. فعلى سبيل المثال، يحدثنا العهد القديم عن نبي الله نوح، فعنه نقرأ: “كَانَ نُوحٌ رَجُلاً بَارًّا كَامِلاً فِي أَجْيَالِهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ”. (التكوين 9:6).
كما يحدثنا العهد القديم عن نبي الله إبراهيم، فعنه نقرأ: فَسَقَطَ أَبْرَامُ عَلَى وَجْهِهِ. وَتَكَلَّمَ اللهُ مَعَهُ قَائِلاً: “أَمَّا أَنَا فَهُوَذَا عَهْدِي مَعَكَ، وَتَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ، فَلاَ يُدْعَى اسْمُكَ بَعْدُ أَبْرَامَ بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِبْرَاهِيمَ، لأَنِّي أَجْعَلُكَ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ”. (التكوين 3:17-5)
وأما العهد الجديد، فيحدثنا أيضا على سبيل المثال عن نبي الله داود ونبي الله إبراهيم عليهما السلام، فعنهما نقرأ: “فَجَمِيعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْراهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى الْمَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً”. (متى 17:1)
وأما الإيمان باليوم الآخر، فنجده في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. ففي العهد القديم نقرأ: «هأَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ، فَيَرُدُّ قَلْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَقَلْبَ الأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ بِلَعْنٍ». (ملاخي 5:4-6)
وفي العهد الجديد نقرأ: “وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ”. (متى 36:12)
كما نقرأ أيضا: “اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ”. (مرقس 31:13-32)
وأما الإيمان بالقدر، فنجده في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، ولا أدل على الإيمان بالقدر والرضا به من قصة سيدنا أيوب في العهد القديم، فنحن نقرأ: وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذْ جَاءَ آخَرُ وَقَالَ: «بَنُوكَ وَبَنَاتُكَ كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ خَمْرًا فِي بَيْتِ أَخِيهِمِ الأَكْبَرِ، وَإِذَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ جَاءَتْ مِنْ عَبْرِ الْقَفْرِ وَصَدَمَتْ زَوَايَا الْبَيْتِ الأَرْبَعَ، فَسَقَطَ عَلَى الْغِلْمَانِ فَمَاتُوا، وَنَجَوْتُ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ». فَقَامَ أَيُّوبُ وَمَزَّقَ جُبَّتَهُ، وَجَزَّ شَعْرَ رَأْسِهِ، وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ، وَقَالَ: «عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا». فِي كُلِّ هذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ وَلَمْ يَنْسِبْ للهِ جِهَالَةً. (أيوب 18:1-22)
كما نقرأ أيضا: فَخَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ حَضْرَةِ الرَّبِّ، وَضَرَبَ أَيُّوبَ بِقُرْحٍ رَدِيءٍ مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ إِلَى هَامَتِهِ. فَأَخَذَ لِنَفْسِهِ شَقْفَةً لِيَحْتَكَّ بِهَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي وَسَطِ الرَّمَادِ. فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: «أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ؟ بَارِكِ اللهِ وَمُتْ!». فَقَالَ لَهَا: «تَتَكَلَّمِينَ كَلاَمًا كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ! أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟». فِي كُلِّ هذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ بِشَفَتَيْهِ. (أيوب 7:2-10)
وأما العهد الجديد، فنجده ينقل عن السيد المسيح حثه على تقبل القدر والرضا به إلى أبعد الحدود. فعن ذلك نقرأ: “سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ”. (متى 38:5-42)
كما نقرأ أيضا: “وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ”. (متى 5:19-6)
أركان الإسلام الخمسة في الكتاب المقدس
للإسلام خمسة أركان وهي: 1- شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، 2- إقام الصلاة، 3- إيتاء الزكاة، 4- صوم رمضان، 5- حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
ولقد وردت هذه الأركان منفصلة في القرآن الكريم ومجتمعة في حديث جبريل الطويل، فعن عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت قال فعجبنا له يسأله ويصدقه…” (رواه مسلم)
فأما الشهادتان، فنجدها في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. فأما شهادة ألا إله إلا الله، فعنها نقرأ في العهد القديم: “اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ” (التثنية 4:6)
وعنها نقرأ في العهد الجديد: “وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ. وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ”. (متى 8:23-10)
كما نقرأ أيضا: وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». (متى 16:19-17)
وأما شهادة أن محمدا رسول الله، فقد شهد للنبي محمد الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. فأما العهد القديم، فقد شهد باستمرار صولجان بني إسرائيل لحين ظهور شخص تخضع له الشعوب. فعن ذلك نقرأ: “لاَ يَزُولُ صَوْلَجَانُ الْمُلْكِ مِنْ يَهُوذَا وَلاَ مُشْتَرِعٌ مِنْ صُلْبِهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُوهُ فَتُطِيعُهُ الشُّعُوبُ” (التكوين 10:49) (ترجمة كتاب الحياة)
وشيلوه (Shiloh) كلمة عبرية “שִׁילֹה” لها عدة معاني منها (tranquil) أي الهادئ أو (that is to be sent) الرسول المرسل.
وعلى الرغم من أن الوصف السابق ينسبه المسيحيون إلى السيد المسيح، إلا أن العدد السابق يشير إلى أن “شيلوه” لن يكون من نسل يهوذا بدليل انه سينزع الصولجان من بني يهوذا، أما السيد المسيح فقد كان من بني يهوذا.
ويدل على ذلك ما نقله العهد الجديد عن السيد المسيح: “لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ”. (متى 43:21)، فيدل هذا العدد بوضوح على أن الصولجان والملكوت ينزعان من بني إسرائيل ويذهبان إلى غيرهم.
ولقد نقل العهد الجديد عن السيد المسيح قوله أن هناك معزّ آخر غيره، فنحن نقرأ: “إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ، وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ”. (يوحنا 15:14-17)
ولقد نقل العهد الجديد عن السيد المسيح قوله أن هذا المعزي الآخر سيذكر المؤمنين بما قاله المسيح، فنحن نقرأ:
“وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ”. (يوحنا 26:14)
كما يذكر العهد الجديد أن هذا المعزي الآخر سيشهد للمسيح، فنحن نقرأ: “وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي”. (يوحنا 26:15)
ويذكر أيضا أن هذا المعزي الآخر لن يأتي حتى ينطلق المسيح، فنحن نقرأ: “لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ”. (يوحنا 7:16)
وعلى الرغم من أن المسيحيين يدعون أن هذه الأعداد تشير إلى الروح القدس حتى أنهم أضافوا كلمتي “الروح القدس” (يوحنا 26:14) أعلاه، إلا أن الأعداد السابقة تشير إلى أن هذا المعزي الآخر إنسان مثل السيد المسيح وليس كائنا آخرا، بدليل انه علم الناس وذكرهم بما قاله السيد المسيح وشهد للسيد المسيح ولم يأت حتى ذهب المسيح، ولا تسر هذه الأوصاف إلا على النبي محمد، فلم نر الروح القدس يعلم أحدا أو يذكر بما قاله المسيح أو يشهد له كما أنه كان موجودا قبل أن يذهب المسيح.
وعلاوة على ما سبق، يشهد الكتاب المقدس بنبوة النبي محمد في عهديه القديم والجديد. ففي العهد القديم نقرأ: “يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ”. (التثنية 15:18)، وتتكرر نفس الشهادة تقريبا في العهد الجديد، فنحن نقرأ: “فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ لاَ تَسْمَعُ لِذلِكَ النَّبِيِّ تُبَادُ مِنَ الشَّعْبِ”. (أعمال الرسل 22:3-23)
وعلى الرغم من أن المسيحين ينسبون هذه النبوءات للسيد المسيح، إلا أن في الأعداد السابقة من القرائن ما يجعل من الخطأ نسبتها إليه. فعلى سبيل المثال، تذكر هذه الأعداد أن النبي الموعود “من إخوة بني إسرائيل” أي من بني إسماعيل وهم العرب، وأن النبي موسى قال “مثلي”، أما المسيح فليس مثل النبي موسى، فالنبي موسى كان له أب وأم، أما السيد المسيح فلم يكن له سوى أم فقط، أما النبي محمد فقد كان له أب وأم مثل النبي موسى. كما تذكر الأعداد السابقة أن من لم يسمع للنبي الموعود من بني إسرائيل يباد من الشعب، ولم يحدث ذلك لليهود الذين لم يسمعوا للسيد المسيح، ولكن حدث ذلك لليهود الذين لم يسمعوا للنبي محمد.
ويؤكد الكتاب المقدس في آخر أعداد العهد القديم إرسال نبي أشار إليه بـ”إيليا” بين يدي الساعة، فنحن نقرأ: «هأَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ، فَيَرُدُّ قَلْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَقَلْبَ الأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ بِلَعْنٍ». (ملاخي 5:4-6)
ويؤمن المسيحيون بعودة إيليا التشبي قبل عودة المسيح، ولكن نقل العهد الجديد عن السيد المسيح قوله أن إيليا قد ظهر بالفعل في صورة يوحنا المعمدان، فنحن نقرأ: وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «لاَ تُعْلِمُوا أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ». وَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَلِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟» فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ». حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ. (متى 9:17-13)
ولكن وفقا للعهد الجديد، أكد يوحنا المعمدان أنه ليس إيليا ولا النبي المنتظر، فنحن نقرأ: فَسَأَلُوهُ: «إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ». (يوحنا 21:1)، كما نفى السيد المسيح كونه “إيليا” أيضا (متى 16:13-17).
ولذلك، يؤمن المسلمون بأن “إيليا”، النبي المنتظر بين يدي الساعة وفقا للعهد القديم، هو النبي محمد.
وأما إقام الصلاة، فنجده في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. ففي العهد القديم نقرأ: فَسَقَطَ أَبْرَامُ عَلَى وَجْهِهِ. وَتَكَلَّمَ اللهُ مَعَهُ قَائِلاً: “أَمَّا أَنَا فَهُوَذَا عَهْدِي مَعَكَ، وَتَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ، فَلاَ يُدْعَى اسْمُكَ بَعْدُ أَبْرَامَ بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِبْرَاهِيمَ، لأَنِّي أَجْعَلُكَ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ”. (التكوين 3:17-5)
وفي العهد الجديد نقرأ: ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ، وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». (متى 39:26)
وأما إيتاء الزكاة، فنجده في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. ففي العهد القديم نقرأ: “وَكَرْمَكَ لاَ تُعَلِّلْهُ، وَنِثَارَ كَرْمِكَ لاَ تَلْتَقِطْ. لِلْمِسْكِينِ وَالْغَرِيبِ تَتْرُكُهُ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ”. (اللاويين 10:19)
كما نقرأ أيضا: “إِنْ كَانَ فِيكَ فَقِيرٌ، أَحَدٌ مِنْ إِخْوَتِكَ فِي أَحَدِ أَبْوَابِكَ فِي أَرْضِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، فَلاَ تُقَسِّ قَلْبَكَ، وَلاَ تَقْبِضْ يَدَكَ عَنْ أَخِيكَ الْفَقِيرِ، بَلِ افْتَحْ يَدَكَ لَهُ وَأَقْرِضْهُ مِقْدَارَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ. احْتَرِزْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَ قَلْبِكَ كَلاَمٌ لَئِيمٌ قَائِلاً: قَدْ قَرُبَتِ السَّنَةُ السَّابِعَةُ، سَنَةُ الإِبْرَاءِ، وَتَسُوءُ عَيْنُكَ بِأَخِيكَ الْفَقِيرِ وَلاَ تُعْطِيهِ، فَيَصْرُخَ عَلَيْكَ إِلَى الرَّبِّ فَتَكُونُ عَلَيْكَ خَطِيَّةٌ. أَعْطِهِ وَلاَ يَسُوءْ قَلْبُكَ عِنْدَمَا تُعْطِيهِ، لأَنَّهُ بِسَبَبِ هذَا الأَمْرِ يُبَارِكُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ أَعْمَالِكَ وَجَمِيعِ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ يَدُكَ. لأَنَّهُ لاَ تُفْقَدُ الْفُقَرَاءُ مِنَ الأَرْضِ. لِذلِكَ أَنَا أُوصِيكَ قَائِلاً: افْتَحْ يَدَكَ لأَخِيكَ الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ فِي أَرْضِكَ”. (التثنية 7:15-11)
وفي العهد الجديد نقرأ: قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». (متى 21:19)
وأما الصوم، فنجده في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. ففي العهد القديم نقرأ: “فَصَعِدَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكُلُّ الشَّعْبِ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ إِيلَ وَبَكَوْا وَجَلَسُوا هُنَاكَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَصَامُوا ذلِكَ الْيَوْمَ إِلَى الْمَسَاءِ، وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ أَمَامَ الرَّبِّ”. (القضاة 26:20)
وأما العهد الجديد فيخبرنا أن السيد المسيح قد صام، فنحن نقرأ: “ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا”. (متى 1:4-2)
كما يخبرنا العهد الجديد أنه أوصى بالصوم، فنحن نقرأ: فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ، فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. وَأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ». (متى 18:17-21)
وليس ذلك فحسب، وإنما شدد السيد المسيح على ضرورة الإخلاص في الصوم، فنحن نقرأ: “وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً”. (متى 16:6-18)
وأما الحج، فعنه نقرأ في الكتاب المقدس: “طُوبَى لأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ. عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ، يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعًا. أَيْضًا بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ. يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ. يُرَوْنَ قُدَّامَ اللهِ فِي صِهْيَوْنَ. (المزمور 5:84-7)
جدير بالذكر أنه على الرغم من أن الأعداد السابقة في ظاهرها تتناول الحج إلى صهيون، إلا أن فيها من القرائن ما يجعلنا نؤمن بأنها تتناول الحج إلى مكة. وعلى أي حال، فالمهم أن الحج سواء إلى صهيون أو مكة ثابت بنص الكتاب المقدس.
_________
المراجع:
1-القرآن الكريم
2-صحيح مسلم
3- الكتاب المقدس
4- موقع الأنبا تكلا
5- موقع: biblehub.com