الفرق بين القرآن وأهم كتب الديانات الحالية

من أخلاق الإسلام: الحِلم وكظم الغيظ

إن الحِلم صفة من صفات الله تعالى ومنه يشتق اسم من أسمائه تعالى الحسنى. فهو جل جلاله “الحليم”. وكثيرا ما يصف الله تعالى نفسه في القرآن الكريم بالحليم. يقول الله تعالى:

كظم الغيظ

إن الحِلم صفة من صفات الله تعالى ومنه يشتق اسم من أسمائه الحسنى

لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (البقرة 225:2)

ويقول تعالى:

قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (البقرة 263:2)

كما يقول تعالى:

لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (الحج 59:22)

ويقول تعالى:

إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (التغابن 17:64)

والحِلم من صفات الأنبياء والمرسلين. ولقد أثنى الله تعالى على بعض الأنبياء لاتصافهم بهذه الصفة مثل سيدنا إبراهيم عليه السلام. يقول الله تعالى:

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (التوبة 114:9)

ويقول تعالى:

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (هود 75:11)

كما أثنى الله تعالى على سيدنا إسماعيل لاتصافه بصفة الحِلم وبشر به قبل مولده عليه السلام. يقول الله تعالى:

فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (الصافات 101:37)

ولذلك كان الحِلم من سنن الأنبياء والمرسلين. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خمس من سنن المرسلين: الحياء، والحِلم، والسواك، والتعطر، والحجامة” (رواه الطبراني)

ولما كان الحِلم من صفات الله عز وجل ومن سنن أنبيائه ورسله، كان الحِلم سببا في حب الله تعالى للعبد المتصف بهذه الصفة. فلقد قال صلى الله عليه وسلم لأشجِّ عبد القيس: إنَّ فيك لخصلتين يحبُّهما الله: الحِلم والأَنَاة (رواه مسلم).

وإن الحِلم من أحب الصفات إلى الله تعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “التَّأنِّي مِن الله، والعجلة مِن الشَّيطان، وما أحدٌ أكثر معاذير مِن الله، وما مِن شيءٍ أحبُّ إلى الله مِن الحِلم” (رواه أبو يعلى والبيهقي)

وإن كظم الغيظ من صفات المتقين الذين وعدهم الله تعالى بالمغفرة ودخول الجنة. يقول الله تعالى:

وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (آل عمران 3 :133-134)

ولقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على أهل الحِلم وكظم الغيظ فقال: “ليس الشَّديد بالصُّرَعَة، إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغضب” (متفق عليه)

ولقد كان اجتناب الغضب من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعن أَبي هريرة – رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا قَالَ للنبيِّ – صلى الله عليه وسلم: أوْصِني. قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ»، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ». (رواه البخاري)

ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التضرع إلى الله تعالى لإذهاب الغيظ. فلقد روى ابن جرير الطبري في تفسيره أن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول اللَّه، ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي؟ قال: بلى، قولي: اللهم رب النبي محمدٍ اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن.

ولكف الغضب في الإسلام فضل عظيم. فلما كان الغضب هو السبب في ارتكاب الكثير من المعاصي والآثام، فقد وعد الله من يكف غضبه بكف العذاب عنه. فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كف غضبه كف الله عنه عذابه” (رواه الطبراني)

وإن لكظم الغيظ أجر عظيم عند الله تعالى. فعن عبد الله ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَا تَجَرَّعَ عَبْدٌ جَرْعَةً هُوَ فِيهَا أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ جَرْعَةِ غَيْظٍ ، كَظَمَهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ” (رواه ابن ماجة)

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كظم غيظه، وهو يقدر على إنفاذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيره من أي حور العين شاء (رواه الترمذي)

ويستحب لمن أراد كف غضبه وإذهاب غيظه تغيير وضعية جسمه من الوقوف إلى الجلوس أو من الجلوس إلى الاضطجاع وهكذا. فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ (رواه أحمد وأبو ادود)

كما يستحب للغاضب أن يتوضأ حتى يذهب غضبه. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ” (رواه أبو داود)

وما أكثر المواقف التي حلم فيها النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وكف غضبه. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه بردٌ نجرانيٌّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيٌّ، فجبذه بردائه جبْذَةً شديدةً، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثَّرت بها حاشية البُرْد مِن شدَّة جَبْذَته، ثمَّ قال:يا محمَّد! مُرْ لي مِن مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ ضحك، ثمَّ أمر له بعطاء (رواه البخاري)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رجلًا أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ، فهمَّ به أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه فإنَّ لصاحب الحقِّ مقالًا. ثمَّ قال: أعطوه سِنًّا مِثْل سِنِّه، قالوا: يا رسول الله، لا نجد إلَّا أمثل مِن سِنِّه، فقال: أعطوه، فإنَّ مِن خيركم أحسنكم قضاءً (رواه البخاري)

_________

المراجع:

1- القرآن الكريم

2- صحيح البخاري

3- صحيح مسلم

4- سنن أبو داود

5- المعجم الكبير للطبراني

مواضيع ذات صلة