تكريم المرأة بين الإسلام والمسيحية

قضايا إيمانية وأخلاقية بين القرآن والكتاب المقدس: (1) الوصايا العشر

الوصايا العشر فى الكتاب المقدس

تعد الوصايا العشر من أعظم التعاليم التى جاء بها موسى عليه الصلاة والسلام، ونجد في المسيحية والإسلام تعاليما تشاكلها في بعض الأحيان مماثلة وقد تزيد عليها.

ووفقا  لبعض المسيحيين فإنها “أساسية في إلزامها بحيث لا يمكن أن يُعفى أحد من الالتزام بها” .

وفي العهد الجديد جاءت إشارة عابرة إليها حين سُئل المسيح:

“أي عمل صالح أعمل لأرث الحياة الأبدية؟”، أجاب “احفظ الوصايا”،(متى: 19 :16-17)  وفى متى (إصحاح 22: 35-40: ” فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» فقال له يسوع تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ”. لوقا، 10: 26-27) وتسمى بالوصية العظمى وفى موطن آخر قال: “والثانية مثلها :تحب قريبك كنفسك”.(متى: 39:22)،

 وقد اعتبرت: “خلاصة القوانين الأساسية للتصرف لإنساني، فاليهود والمسيحيون يرجعون إليها لكي يتعلموا منها كيفية التصرف في الحياة الأخلاقية”

وقال عنها البابا يوحنا بولس الثاني: “ليست الوصايا العشر فرائض ألزمنا بها إله طاغية عشوائيًا، إنها تؤمن اليوم وفي كل الأيام حياة العائلة الإنسانية ومستقبلها”.

وجاءت على النحو التالى في العهد القديم:

-لَا يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.

-لَا تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلَا صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ.

لَا تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلَا تَعْبُدْهُنَّ.-لا تحلف باسم الهك باطلا.

-اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ.

-أكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ..

-لَا تَقْتُلْ.

-لَا تَزْنِ.

-لَا تَسْرِقْ.

-لَا تَشْهَدْ شَهَادَةَ زُورٍ.

-لَا تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لَا تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلَا عَبْدَهُ، وَلَا أَمَتَهُ، وَلَا ثَوْرَهُ، وَلَا حِمَارَهُ، وَلَا شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ. (الخروج،20 :9-17)

“لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ وَفِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنَ الَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي”، (تثنية 5 : 9)

الوصايا العشر في الإسلام

إن الإسلام قد جاء بكثير من هذه التعاليم وزاد عليها فعن ذكره إجمالا لعض منها يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه:

“قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ  وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا  وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّـهِ أَوْفُوا  ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (6: 151-153))

ومن ذلك:

“لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا. وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا. وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا. إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا. وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا. وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا. إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا. وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا. وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا.﴾ (22:17—32)

وبشأن النهى عن القتل بغير حق قال:

“وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا. وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا. وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا. وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا. وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا. كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا. ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا”. (17: 33-39).

أما حديث الإسلام عن التوحيد وإفراد الله بالعبودية فالقرآن جل مضمونه عن التوحيد يثول الله تبار وتعالى:

(قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ . اللَّـهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)  (112: 1)

وقد عدت هذه السورة ثلث القرآن لما تضمنته من إرساء التوحيد الذى حاز الحديث عنه قدرا كبيرا من القرآن الكريم

بل إن الإسلام قد زاد على هذه الوصايا وأوضح وأفاد وأتى بضوابط لها لم تسبق إليها شريعة قط. ففى  نهى الإسلام عن الزنا نجد أنه أوجد تفصيلات وأحكام كثيرة فيما يتصل بالزنا من حيث ثبوته ونفيه وحال الزانى وحال الزانية وما يترتب على ذلك من تخفيف العقوبة أو تغليظها إو إرجائها أو حتى إسقاطها.

وكذا السرقة بوضع لعقوبة الملائة لهذا العضو الذى استخدم في غير محله بأن امتدت إلى ما ليس لها وأيضا مراعاة حال السارق وتكييف جريمة السرقة

وفقًا للمعتقدات الإسلامية فقد وصّى الله عباده المؤمنين في القرآن بوصايا كثيرة، من أهمها الوصايا العشر التي تضمنتها ثلاث آيات من سورة الأنعام و ذكرت أيضاً في آيات من سورة الإسراء.

ونجد في السنة النهى عن الصور (بمعنى التماثيل) سدا لذريعة عبادتها من دون الله:

ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة لفظ مسلم. وفيهما أيضا عن ابن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون”.

ولهما عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم”  رواه البخاري.

وروى البخاري في الصحيح عن أبي جحيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب البغي ولعن آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور. وعن ابن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ متفق عليه.

أما عن النهى الحلف الباطل وقد جاء في الكتاب المقدس: “لا تنطق باسم الرب إلهك باطلًا”، فإن الإسلام قد جاء بالنهى عن الحلف بالله باطلا، وقد غلظت هذه اليمين حتى سميت باليمين الغموس أى التى تغمس صاحبها في نار جهنم. ولكننا نجد تطبيقات خاطئة لهذا المفهوم في الجانب المسيحى فنرى كثيرا منهم يحلفون بالأمانة ويعرضون عن الحلف بالله مع أن ظاهر تعاليم الكتاب المقدس أن النهى فقط عن الحلف بالله باطلا ولا نجد نهيا عن الحلف بالله مطلقا وهذا ما يقرره الإسلام حينما يقول النبى صلى الله عليه وسلم:

“من كان حالفا فليحلف بالله”

ونجد نصوصا كثيرة في السنة النبوية تبين الأحكام المختلفة لليمين وكيفية البر به وطرق حفظ اليمين وعدم الحنث فيها.

والسنة النبوية زاخرة بالحديث عن بر الوالدين حتى يقول النبى صلى الله عليه وسلم:

(لا يجزى ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه ويعتقه) (رواه مسلم عن أبى هريرة).

أما عن تعظيم السبت أو غيره فقد كان هذا امتحانا لليهود الذين اعتدوا على حرمات الله فابتلاهم الله بالسبت فوقعوا فيه أما الإسلام فالأيام الفاضلة فيه كثيرة والأيام التى تغلظ فهيا النهى عن تعدى حرمات الله كثيرة ولكل منها حكم توجد تفصيلاتها من ذلك قوله تعالى:

(إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ  ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ  فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ) (9 :36).

اما النهى عن القتل فلم يأت في الإسلام بصيغة العمو هكذا بدون إطلاق لكن القتل المنهى عنه هو قتل النفس بغير حق قال الله تعالى:

(ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق) وقال النبى صلى الله عليه وسلم:

(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل دم امرئٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة).

والنهى عن شهادة الزور يغلظ القرآن فيها ويبين أنها ليست من صفات عباد الرحمن وكذا النبى صلى الله عليه وسلم يشدد في أمرها:

“ألا أحدِّثُكُم بأَكْبرِ الكبائرِ؟ قالوا : بلَى يا رسولَ اللَّهِ ، قالَ : الإشراكُ باللَّهِ  وعُقوقُ الوالدينِ ، قالَ : وجلسَ وَكانَ متَّكئًا ، قالَ : وشَهادةُ الزُّورِ ، أو قَولُ الزُّورِ ، فما زالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى يكرهها حتى قلنا ليته سكت).”

وبذا نلمس شمولية الوصايا في دين الإسلام حيث زادت وصايا أخر من حفظ العهد والإحسان إلى اليتامى وتحرى الصدق والعدل وعدم تطفيف الكيل والميزان ومراعاة تقوى الله عز وجل.


مراجع

 التعليم المسيحي للشبيبة الكاثوليكية – بالعربية، مجموعة من الأساقفة بموافقة البابا بندكت السادس عشر، مكتب الشبيبة البطريركي، بكركي 2012، ص.192-193)-

-وقع موسوعة الويكيبديا

https://st-takla.org/

مواضيع ذات صلة