اليهودية والمسيحية والإسلام: أصول أسمائها ورسالاتها

الاقتتال الداخلي في اليهودية والمسيحية والإسلام

الاقتتال الداخلي

القتل والاقتتال الداخلي محرم في جميع الرسالات السماوية ولكن الإسلام هو الأكثر تحرزا عنه

إعداد فريق التحرير

على الرغم من نهي الرسالات السماوية المختلفة وأهمها اليهودية والمسيحية والإسلام عن قتل الإنسان لأخيه في الدين، إلا أن التاريخ شهد ولازال يشهد اقتتالا داخليا بين أتباع الدين الواحد لسبب أو لآخر. ولما كان هذا الاقتتال الداخلي أمرا لا يمكن التحرز عنه، لم يصح أن يجعل سببا للإيمان ببطلان رسالة أو أخرى، إذ العبرة بنص الدين وليس بممارسة أتباعه.

وحيث إنه لم تسلم اليهودية ولا المسيحية ولا الإسلام من هذا الاقتتال الداخلي بين أتباعهم، فمن الظلم القدح في الإسلام والطعن فيه وحده لمجرد اقتتال بعض أتباعه فيما بينهم. فكما قلنا، العبرة بنص الدين وليس بممارسة أتباعه. فنصوص الدين وحدها هي الأصل الثابت الذي على أساسه يمكن الحكم على الدين بالصحة أو البطلان. أما ممارسة أتباعه، فتتغير بتغير الزمان والمكان بين الالتزام بالنص والزيغ عنه. لذا تعالوا نلقي نظرة على الاقتتال الداخلي في اليهودية والمسيحية والإسلام.

الاقتتال الداخلي في اليهودية

على الرغم من نهي اليهودية عن قتل اليهودي لأخيه اليهودي، يسوق لنا الكتاب المقدس في عهده القديم شواهد كثيرة على الاقتتال الداخلي بين اليهود.

فعلى سبيل المثال، يحكي لنا العهد القديم أن أبيمالك أعمل السيف في إخوانه من بني إسرائيل وقتل منهم الكثير. وعن ذلك نقرأ: “وَأَعْطَوْهُ سَبْعِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ مِنْ بَيْتِ بَعْلِ بَرِيثَ، فَاسْتَأْجَرَ بِهَا أَبِيمَالِكُ رِجَالاً بَطَّالِينَ طَائِشِينَ، فَسَعَوْا وَرَاءَهُ. ثُمَّ جَاءَ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ فِي عَفْرَةَ وَقَتَلَ إِخْوَتَهُ بَنِي يَرُبَّعْلَ، سَبْعِينَ رَجُلاً، عَلَى حَجَرٍ وَاحِدٍ. وَبَقِيَ يُوثَامُ بْنُ يَرُبَّعْلَ الأَصْغَرُ لأَنَّهُ اخْتَبَأَ”. (القضاة 4:9-5)

ونقرأ: “فَخَرَجَ جَعَلُ أَمَامَ أَهْلِ شَكِيمَ وَحَارَبَ أَبِيمَالِكَ. فَهَزَمَهُ أَبِيمَالِكُ، فَهَرَبَ مِنْ قُدَّامِهِ وَسَقَطَ قَتْلَى كَثِيرُونَ حَتَّى عِنْدَ مَدْخَلِ الْبَابِ”. (القضاة 39:9-40)

كما نقرأ أيضا: “وَحَارَبَ أَبِيمَالِكُ الْمَدِينَةَ كُلَّ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَأَخَذَ الْمَدِينَةَ وَقَتَلَ الشَّعْبَ الَّذِي بِهَا، وَهَدَمَ الْمَدِينَةَ وَزَرَعَهَا مِلْحًا”. (القضاة 45:9)

كما يحكي لنا العهد القديم عن الاقتتال الداخلي بين سبط بنيامين وباقي أسباط بني إسرائيل والمقتلة العظيمة التي وقعت بين هذه الأسباط. فعن ذلك نقرأ: “فَخَرَجَ بَنُو بَنْيَامِينَ لِلِقَاءِ الشَّعْبِ وَانْجَذَبُوا عَنِ الْمَدِينَةِ، وَأَخَذُوا يَضْرِبُونَ مِنَ الشَّعْبِ قَتْلَى كَالْمَرَّةِ الأُولَى وَالثَّانِيَةِ فِي السِّكَكِ الَّتِي إِحْدَاهَا تَصْعَدُ إِلَى بَيْتِ إِيلَ، وَالأُخْرَى إِلَى جِبْعَةَ فِي الْحَقْلِ، نَحْوَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً مِنْ إِسْرَائِيلَ”. (قضاة 31:20)

كما نقرأ ايضا: “وَرَجَعُوا أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي طَرِيقِ الْبَرِّيَّةِ، وَلكِنَّ الْقِتَالَ أَدْرَكَهُمْ، وَالَّذِينَ مِنَ الْمُدُنِ أَهْلَكُوهُمْ فِي وَسَطِهِمْ. فَحَاوَطُوا بَنْيَامِينَ وَطَارَدُوهُمْ بِسُهُولَةٍ، وَأَدْرَكُوهُمْ مُقَابَلَ جِبْعَةَ لِجِهَةِ شُرُوقِ الشَّمْسِ. فَسَقَطَ مِنْ بَنْيَامِينَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ رَجُل، جَمِيعُ هؤُلاَءِ ذَوُو بَأْسٍ. فَدَارُوا وَهَرَبُوا إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى صَخْرَةِ رِمُّونَ. فَالْتَقَطُوا مِنْهُمْ فِي السِّكَكِ خَمْسَةَ آلاَفِ رَجُل، وَشَدُّوا وَرَاءَهُمْ إِلَى جِدْعُومَ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ أَلْفَيْ رَجُل”. (القضاة 42:20-45)

وهذا غيض من فيض، والشواهد على الاقتتال الداخلي بين بني إسرائيل في العهد القديم أكثر من أن يتسع المجال لسردها هنا.

الاقتتال الداخلي في المسيحية

على الرغم من نهي المسيحية عن قتل المسيحي لأخيه المسيحي، إلا أن تاريخ المسيحية قديما وحديثا مليء بشواهد الاقتتال الداخلي بين المسيحيين منذ فجر المسيحية.

فعلى سبيل المثال، بعد أن اعتنق قسطنطين المسيحية واعترف بها كدين في الإمبراطورية الرومانية، اقتتل أبناؤه من بعده فيما بينهم للانفراد بالإمبراطورية ولم يمض على اعتناقهم المسيحية إلا بضع سنوات حتى أن ابنه قسطنطين الثاني أدت به محاولته الانفراد بالعرش إلى وفاته في عام 340 م ليقتسم أخواه كونستانس وقسطنطيوس الثاني الإمبراطورية فيما بينهما بعد هزيمته وقتله.

وفي عهد الإمبراطور الروماني فالنس، وفي حين أنه لم تمض إلا بضعة عقود على اعتناق الرومان المسيحية، دارت حروب ضروس بين الإمبراطورية الرومانية الشرقية المسيحية تحت حكم الإمبراطور فالنس من جهة والقوط الغربيين المسيحيين تحت قيادة زعيمهم فيريتيجرن من جهة أخرى. وفي 9 أغسطس 378 م، وقعت معركة أدريانوبل بين الرومان الشرقيين المسيحيين والقوط الغربيين المسيحيين وانتهت هذه المعركة بهزيمة الرومان وإبادة ثلثي جيشهم تقريبا ومقتل إمبراطورهم فالنس.

وهذا قليل من كثير مما يذخر به التاريخ المسيحي القديم، ناهيك عن الحديث، من شواهد الاقتتال الداخلي بين المسيحيين لاسيما في فجر المسيحية.

الاقتتال الداخلي في الإسلام

على الرغم من نهي الإسلام عن قتل المسلم لأخيه المسلم، سرت سنة الله التي خلت في اليهود والنصارى على المسلمين أيضا من الاقتتال الداخلي فيما بينهم، وهذا قدر لا ينفع معه حذر. فعن عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُ رَبِّي: أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا “(رواه مسلم)

ولكن مما تميز به الإسلام عن غيره من الرسالات السماوية السابقة ضمن تعاليمه وشرائعه العملية المحكمة المفصلة أنه وضع آلية للحفاظ على وحدة المسلمين والحيلولة دون تفرقهم وتنازعهم وفض الاشتباك والإصلاح بينهم. فلم يكتف الإسلام بمجرد النهي عن القتل والاقتتال كغيره من الرسالات السماوية السابقة، وإنما استبق هذا الاقتتال بالأمر بالوحدة والنهي عن الفرقة والتنازع ووضع حلولا ناجعة لفض أي اشتباك بين أي فريقين أو أكثر من المسلمين.

  • فعن جمع الكلمة والوحدة والتوحد ابتداءً، نقرأ في القرآن الكريم:

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (آل عمران 103:3-105)

  • وعن وجوب لزوم الجماعة ورد النزاعات إلى كتاب الله وسنة رسوله للبت فيها، نقرأ في القرآن الكريم:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (النساء 59:4)

  • وعن النهي عن الاختلاف والافتراق والفرقة، نقرأ في القرآن الكريم:

شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (الشورى 13:42)

  • وعن ذم الافتراق والفرقة والتحزب والتشيع وذم المفترقين والمفرّقين والمتحزبين وتشبيههم في ذلك بالأمم السابقة من اليهود والنصارى، نقرأ في القرآن الكريم:

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (الأنعام 159:6)

كما نقرأ أيضا:

مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (الروم 32:30)

  • وعن ذم التنازع والفشل المترتب عليه، نقرأ في القرآن الكريم:

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنفال 46:8)

كما نقرأ:

وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (آل عمران 152:3)

ونقرأ أيضا:

إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (الأنفال 43:8)

  • وعن الإصلاح بين المسلمين وقتال الباغي منهم، نقرأ في القرآن الكريم:

وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (الحجرات 9:49-10)

وأيضا عن الأمر بإصلاح ذات البين وجعله من تقوى من الله. نقرأ في القرآن الكريم:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (الأنفال 1:8)

الخلاصة

على الرغم من أن سنة الله في الاقتتال الداخلي قد سرت على جميع أتباع الرسالات السماوية بما فيها اليهودية والمسيحية والإسلام، إلا أننا نجد أن الرسالات السماوية السابقة قد اكتفت بالنهي عن قتل أتباعها بعضهم بعضا فحسب، أما الإسلام فقد شرع حزمة من الإجراءات الفعالة التي إن اتبعت لانتفى هذا الاقتتال ابتداءً أو توقف انتهاءً.

أسباب الاقتتال بين المسلمين

قد يسأل سائل: إذا كان الإسلام كذلك، فلماذا يقتتل المسلمون الآن فيما بينهم؟

ونقول أن المسلمين لا يقتتلون فيما بينهم ولكن فقط يقتتل بعضهم فيما بينهم ويرجع ذلك إلى أسباب حذر منها الإسلام في الكتاب والسنة.

والسبب الأول هو عدم الالتزام بتعاليم الإسلام أصلا وعدم وضعها موضع التطبيق كمنهج حياة، وعن ذلك نقرأ في القرآن الكريم:

وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (طه 124:20)

وترتب على هذا الإعراض عن منهج الله الإفساد في الأرض والقطيعة بين المسلمين، وعن ذلك نقرأ في القرآن الكريم:

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (محمد 22:47)

ولذلك سلبت نعمة الألفة بين المسلمين التي قال عنها الله في القرآن الكريم:

وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (الأنفال 63:8)

وعن سلب هذه النعمة، نقرأ في القرآن الكريم:

ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الأنفال 53:8)

والسبب الثاني هو حب الدنيا والتعلق بها والإعراض عن الآخرة. وعن ذلك نقرأ في القرآن الكريم:

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (الحج 11:22)

كما نقرأ أيضا:

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (الكهف 103:18-104)

والسبب الثالث هو مظاهرة واستعداء غير المسلمين على المسلمين والسماح لغير المسلمين بالوقيعة وإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين. وعن ذلك نقرأ في القرآن الكريم:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ. هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (آل عمران 118:3-120)

كما نقرأ:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ. إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (الممتحنة 1:60-2)

ونقرأ أيضا:

إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (الأنفال 73:8-74)

والحاصل أن تعاليم الإسلام إن طبقت لن يحدث اقتتال بين المسلمين ولو حدث لتم احتواؤه سريعا ولكن بُعد أغلب المسلمين عن الإسلام وإيثارهم الدنيا على الآخرة ومظاهرتهم غير المسلمين على المسلمين هي الأسباب الرئيسية في الاقتتال بين المسلمين.

_________

المراجع:

  1. القرآن الكريم
  2. صحيح مسلم
  3. الكتاب المقدس
  4. موقع الأنبا تكلا

مواضيع ذات صلة