في الحقيقة، تجتمع كافة الرسالات السماوية على الأمر بغض البصر والنهي عن النظر بشهوة إلى المرأة الأجنبية أو الرجل الأجنبي، أي النساء أو الرجال بخلاف الأزواج والزوجات والمحرمات من النساء والمحرمين من الرجال.
غض البصر في المسيحية
ففي العهد القديم، نجد الأمر بغض البصر والنهي عن النظر بشهوة أحد الوصايا العشر. ويتكرر الأمر بغض البصر أكثر من مرة في العهد القديم. فنحن نقرأ: “لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ”. (الخروج 17:20)، (التثنية 21:5)
وفي العهد الجديد، نجد أن السيد المسيح يساوي بين النظر إلى المرأة الأجنبية بشهوة وبين الزنا. ولا عجب، فالنظر بشهوة هو بريد الزنا. وغالبا ما يكون الزنا مسبوقا بالنظر بشهوة.
ففي العهد الجديد نقرأ: “قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. (متى 5:27-29)
غض البصر في الإسلام
أما في الإسلام، نجد أن الله تعالى يأمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن يبلغ معاشر المسلمين، رجالاً ونساءً، بالأمر بغض البصر وحفظ الفرج. فنحن نقرأ في القرآن الكريم:
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا… (النور 24:30-31)
ولقد نهى النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن النظر بشهوة فقال: “لا تتبع النظر النظرة، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة” (رواه أبو داود والترمذي)
ولقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصرف النظر عن المرأة الأجنبية. فعن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري .(رواه مسلم)
ولم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن النظر فحسب، وإنما أمر باجتناب المواقف التي تعرض المسلم للنظر المحرم مثل الجلوس في الطرقات، وبين أنه في حالة الاضطرار إلى مثل هذه المواقف، فلابد من غض البصر.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ “(رواه البخاري)
_________
المراجع:
1-القرآن الكريم
2- صحيح البخاري
3- صحيح مسلم
4- الكتاب المقدس