من أسماء الله وصفاته “الوهاب” و”المعطي”، فإن إله هذا الكون هو خالق كل شيء ومالك كل شيء والواهب والمعطي لكل شيء، ولا يعطيه أحد شيئا، فهو الغني وجميع من دونه فقراء إليه.
الوهاب (المعطي) في الإسلام
كثيرا ما يوصف الله عز وجل في القرآن الكريم بأنه “الوهاب”، فنحن نقرأ:
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (آل عمران 8:3)
كما نقرأ:
أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (ص 9:38)
كما نقرأ ايضا:
قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (ص 35:38)
ولقد استعمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم هذا الاسم في دعائه، فلقد روى أبو داود عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.
كما يوصف الله عز وجل بأنه “المعطي”. ولقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاسم على الله عز وجل في أكثر من حديث نبوي. فقد قال صلى الله عليه وسلم: مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَاللَّهُ الْمُعْطِي، وَأَنَا الْقَاسِمُ، وَلَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ (متفق عليه)
وعن المغيرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول خلف الصلاة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد (رواه البخاري ومسلم)
الوهاب (المعطي) في المسيحية
على الرغم من اتخاذ السيد المسيح إلها في المسيحية، يخبرنا الكتاب المقدس في عهده الجديد على لسان السيد المسيح أن الله تعالى (المسمى بـ”الآب”) هو “المعطي” الذي يعطي ويهب الخيرات لمن يسأله. فنحن نقرأ: “فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!” (متى 11:7)
ولقد علم السيد المسيح حوارييه أن يطلبوا العطاء من الله (الآب) في صلاتهم له. فنحن نقرأ: “فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ.” (متى 9:6-11)
ولقد نفى السيد المسيح صفة الإعطاء الذاتي عن نفسه وأثبتها لله عز وجل. فنحن نقرأ: فَقَالَ لَهُمَا: «أَمَّا كَأْسِي فَتَشْرَبَانِهَا، وَبِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبِغُ بِهَا أَنَا تَصْطَبِغَانِ. وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِيني وَعَنْ يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إِلاَّ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لَهُمْ مِنْ أَبِي». (متى 23:20)
وإذا كان الله تعالى هو المتصف بأنه “المعطي” الذي يطلب منه العطاء وإذا كان السيد المسيح غير متصف بالعطاء الذاتي بل بالعطاء المستمد من الله عز وجل بإذنه تعالى ومشيئته، فكيف يكون السيد المسيح إلها يعطي ويمنع؟
_________
المراجع:
1- القرآن الكريم
2- صحيح البخاري
3- صحيح مسلم
4- الكتاب المقدس