التسامح مع الآخر في المسيحية والإسلام (2/1)

التسامح في المسيحية والإسلام

إن بعض ما ورد في العهد الجديد من أقوال السيد المسيح ليس من قبيل الشرائع والأحكام وإنما من قبيل الوصايا والرقائق والتعاليم الروحية

يحتدم الجدل أحيانا بين المسيحيين والمسلمين حول الرسالة السماوية الأكثر تسامحا، ويحاول بعض المسيحيين تأكيد أن المسيحية أكثر تسامحا من الإسلام. ولذلك، سنبين مدى تسامح هاتين الرسالتين السماويتين بدون تحيز أو انتصار للإسلام لأننا نحن المسلمون نؤمن بكلتا الرسالتين وبكلا النبيين إلا أننا نراعي في إيماننا بهما أن أسبقهما ارتبطت بمكان معين وزمان معين وأمة معينة أما أخراهما فهي صالحة لكل زمان ومكان وأمة.

وسنوضح أن كلتا الرسالتين تتميزان بالتسامح بدون تمايز أو تفاضل ولكن كان لكل رسالة منهما ظروف خاصة تتعلق بالمكان والزمان والبيئة والتمكين وعدمه. ولذلك، لا يصح الادعاء بأن إحدى الرسالتين أكثر تسامحًا من الأخرى نظرًا لاختلاف ظروف كل منهما عن الأخرى.

وفيما يلي سنبين مدى تسامح هاتين الرسالتين مع أتباع نفس الرسالة من جانب ومع أتباع الديانات الأخرى من جانب آخر.

التسامح مع أتباع نفس الرسالة

كثيرًا ما نسمع بعض الأصدقاء المسيحيين يؤكدون أن المسيحية أكثر تسامحًا من الإسلام وأن المسيحيين أكثر تسامحا مع بعضهم البعض من المسلمين ويعززون تأكيدهم ببعض المأثورات المنسوبة إلى السيد المسيح في العهد الجديد والتي تعكس من وجهة نظرهم تسامحًا منقطع النظير مع أتباع الرسالة الواحدة.

ومما يستدل به المسيحيون على هذا التسامح الفريد ما أُثر من المقولات التالية عن السيد المسيح في العهد الجديد.

“لكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ. مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا. وَكُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَخَذَ الَّذِي لَكَ فَلاَ تُطَالِبْهُ” (لوقا 6 :27-30).

“سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ. سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ” (متى 5 :38-44).

ولكن، لدى سماع الآيات السابقة من العهد الجديد، تتبادر الأسئلة التالية إلى الذهن تبادرًا مباشرًا وتلقائيا: هل يجب على كل مسيحي تطبيق هذه الآيات دائما؟ وهل يستطيع تطبيقها أصلا على أرض الواقع؟ وهل تعني هذه الآيات أنه تجوز عداوة الإنسان المسيحي وبغضه ولعنه والإساءة إليه بل وضربه وتجريده من ملابسه وسؤاله ماله وأكل هذا المال ومخاصمته وتسخيره؟

وهل على المسيحي دائما تحمل عداوة الآخر وبغضه ولعنه وإساءته وضربه وتركه يجرده من ملابسه وإعطائه ماله بدون حساب وعدم مطالبته وعدم مخاصمته وعدم مقاومة الشر بصفة عامة؟ وماذا لو لم يستطع المسيحي تحمل ذلك؟ فهل له أن يقاضي الآخر أم لا؟

طبعًا، من الواضح جدًا أن الآيات السابقة لا تحمل في طياتها أحكامًا شرعية ملزمة وواجبة التطبيق بالنسبة للمسيحيين نظرًا لتعذر تطبيقها أصلاً، وإنما جاءت هذه الآيات وما شابهها بما يمكن أن يسمى بالمواعظ والرقائق والأخلاق والآداب التي يستحب للمؤمنين بالسيد المسيح التحلي بها.

فهذه الآيات يتعذر تطبيقها على معظم الناس ولا تصلح أساسًا لناموس ملزم لجميع الناس، حيث يفترض أن يكون الناموس شريعة يمكن للجميع الالتزام بها بغض النظر عن مستوى الإيمان والورع.

ومن المعلوم أن المسيحيين يتبعون شريعة موسى عليه السلام، أي أن أحكام الشريعة الموسوية تسري في مجملها على المسيحيين وذلك وفقا لما ورد على لسان السيد المسيح نفسه. فقد قال عليه السلام: “لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ”. (متى 17:5).

وبناء عليه، فللمسيحي أن يحتكم إلى هذه الشريعة وأن يثأر لنفسه وأن يطلب رفع الظلم عنه. فلقد ورد في هذه الشريعة: “وَإِذَا أَمَاتَ أَحَدٌ إِنْسَانًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. وَمَنْ أَمَاتَ بَهِيمَةً يُعَوِّضُ عَنْهَا نَفْسًا بِنَفْسٍ. وَإِذَا أَحْدَثَ إِنْسَانٌ فِي قَرِيبِهِ عَيْبًا، فَكَمَا فَعَلَ كَذلِكَ يُفْعَلُ بِهِ. كَسْرٌ بِكَسْرٍ، وَعَيْنٌ بِعَيْنٍ، وَسِنٌّ بِسِنٍّ. كَمَا أَحْدَثَ عَيْبًا فِي الإِنْسَانِ كَذلِكَ يُحْدَثُ فِيهِ. مَنْ قَتَلَ بَهِيمَةً يُعَوِّضُ عَنْهَا، وَمَنْ قَتَلَ إِنْسَانًا يُقْتَلْ” (اللاويين 24 :17-21).

وبالتالي، فإن ما نسب للسيد المسيح في العهد الجديد على فرض صحة نسبته إليه ليس نسخًا لأحكام شريعة موسى عليه السلام وإنما دعوة إلى الارتقاء الأخلاقي والسمو الروحي، وهي دعوة لا يستطيع الاستجابة إليها كل مسيحي ولا تصلح طريقة حياة بدليل عدم صلاحيتها للتطبيق في أي مكان أو زمان. فلم نسمع أن مجتمعا مسيحيا أو غيره ألزم الفرد فيه بتحمل عداوة الآخر وبغضه ولعنه وإساءته وضربه وتركه يجرده من ملابسه وإعطائه ماله بدون حساب وعدم مطالبته وعدم مخاصمته وعدم مقاومة الشر بصفة عامة.

ومما يستدل به على عدم نسخ السيد المسيح لكثير من أحكام الشريعة الموسوية وعلى دعوته فقط للارتقاء الأخلاقي والسمو الروحي ما نسب إليه من المقولات التالية: “قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ” (متى 5 :21-22).

“قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ” (متى 5 :27-29).

ولنا أن نسأل ونقول: هل معنى ما سبق أن من غضب على أخيه باطلاً يكون مستوجبًا حد القتل على سبيل الحقيقة؟ وهل من نظر إلى امرأة بشهوة يكون مستحقا حد الزنا على سبيل الحقيقة؟ وهل يجوز قلع العين وإلقاؤها بدلا من النظر إلى امرأة أجنبية بشهوة؟

والجواب أن القاتل فقط هو الذي يستحق حد القتل والزاني فقط هو الذي يستحق حد الزنا ولا يجوز إقامة الحد على من يغضب باطلا على أخيه ولا على من ينظر إلى امرأة أجنبيه بشهوة كما أنه لا يجوز للمرء قلع عينه وإلقاؤها بأي حال من الأحوال وذلك بمقتضى جميع الشرائع السماوية بما فيها اليهودية والمسيحية والإسلام. وما ورد من أقوال السيد المسيح فهو ليس من قبيل الشرائع والأحكام وإنما من قبيل الوصايا والرقائق والتعاليم الروحية.

مما سبق يتبين لنا أن الآيات التي يرددها المسيحيون على لسان السيد المسيح ليست شريعة لهم وإنما وصايا وتعاليم أخلاقية وروحية ورد مثلها على لسان أنبياء ورسل وآخرين.

ولا تختلف رسالة محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك عن رسالة سيدنا عيسى عليه السلام. فللإسلام شريعة تكفل العدالة بين جميع المسلمين بل وبينهم وبين غيرهم. وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم وفي القرآن الكريم تعاليم ووصايا تشبه تعاليم ووصايا المسيح التي تدعو إلى الارتقاء الأخلاقي والسمو الروحي.

وشأنه شأن المسيحي، على المسلم التحلي بالرقي الأخلاقي والسمو الروحي والتحضر السلوكي في التعامل مع الآخر قدر استطاعته ولكن ما زال له أن يحتكم إلى شريعته إذا عجز عن ذلك واحتاج إلى العدالة والانتصاف.

ولقد بين القرآن الكريم أن التوراة نصت على القصاص وأن عيسى عليه السلام بعث مصدقا لهذه التوراة، حيث يقول الله تعالى:

إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ…وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ…وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (المائدة 5 :44-46).

وعن القصاص في الإسلام، يقول الله تعالى في القرآن الكريم:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 2 :178-179).

وأما التعاليم والوصايا الخاصة بالتحلي بالأخلاق الرفيعة والأدب الجم، فهي كثيرة الورود في القرآن الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

فعلى سبيل المثال، يأمر القرآن الكريم بالإحسان إلى الأعداء. فنحن نقرأ:

وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (فصلت 34:41).

ولقد نهى النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن البغضاء والتباغض فقال: “لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ” (رواه البخاري).

كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اللعن والتلاعن. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ، فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ، فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، غَضِبْتَ وَقُمْتَ، قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، وَقَعَ الشَّيْطَانُ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ» ثُمَّ قَالَ: “يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ: مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلَمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِلَّا أَعَزَّ اللَّهُ بِهَا نَصْرَهُ، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ عَطِيَّةٍ، يُرِيدُ بِهَا صِلَةً، إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا كَثْرَةً، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ، يُرِيدُ بِهَا كَثْرَةً، إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا قِلَّةً “(رواه أحمد).

ولقد أمر القرآن الكريم بالإحسان إلى المسيئين. يقول الله تعالى:

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (المؤمنون 96:23)،

ولقد أثنى القرآن الكريم على المحسنين إلى من يسيئ إليهم. فيقول تعالى:

وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (الرعد 22:13)،

كما يقول تعالى:

أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (القصص 28 :54-55).

ولقد أمر القرآن بإعطاء السائلين. يقول تعالى:

وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ (البقرة 177:2).

كما أثنى القرآن على الذين يعطون السائلين ووعدهم بحسن العاقبة. يقول الله تعالى:

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ. كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ. وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (الذاريات 51 :15-19).

كما نهى القرآن عن انتهار السائلين. يقول الله تعالى:

وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (الضحى 10:93).

ولقد حض النبي -صلى الله عليه وسلم- على إقراض المحتاجين وتنفيس كربهم والتيسير على المعسرين. فقال: “مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ” (رواه مسلم).

ولقد نهى القرآن عن الربا وحث على إمهال المعسرين والصبر عليهم والتصدق عليهم بإسقاط ديونهم. يقول الله تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ. وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (البقرة 2 :278-280).

_________

المراجع:

1- القرآن الكريم

2- صحيح البخاري

3- صحيح مسلم

4- مسند الإمام أحمد

5- الكتاب المقدس

 

شاهد المقاطع التالية:

اقرأ أيضا:

التسامح مع الآخر في المسيحية والإسلام (2/2)

مواضيع ذات صلة