الفرق بين القرآن وأهم كتب الديانات الحالية

وجوب طاعة أولي الأمر في الكتب السماوية

أولي الأمر

تتفق المسيحية والإسلام على وجوب طاعة أولي الأمر أي الرؤساء والأمراء والملوك والحكام بصفة عامة

تتفق المسيحية والإسلام على وجوب طاعة أولي الأمر أي الرؤساء والأمراء والملوك والحكام بصفة عامة. وتتفق نصوص الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد مع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على حرمة الخروج على أولي الأمر ومنازعة الأمر أهله، بل ويحرم الكتاب المقدس سب الحكام أو لعنهم حتى وإن كان ذلك مجرد فكرة تجول في خاطر المرء.

فيأمر العهد القديم بطاعة الملوك وحفظ أوامرهم، ففي العهد القديم نقرأ: “أَنَا أَقُولُ: احْفَظْ أَمْرَ الْمَلِكِ، وَذَاكَ بِسَبَبِ يَمِينِ اللهِ. لاَ تَعْجَلْ إِلَى الذَّهَابِ مِنْ وَجْهِهِ. لاَ تَقِفْ فِي أَمْرٍ شَاقّ، لأَنَّهُ يَفْعَلُ كُلَّ مَا شَاءَ. حَيْثُ تَكُونُ كَلِمَةُ الْمَلِكِ فَهُنَاكَ سُلْطَانٌ. وَمَنْ يَقُولُ لَهُ: «مَاذَا تَفْعَلُ؟»”. (جامعة 8 :2-4)

ويحرم العهد القديم لعن الرؤساء ويقرن تحريم لعن الرؤساء بتحريم سب الله عز وجل، ففي العهد القديم نقرأ: “لاَ تَسُبَّ اللهَ، وَلاَ تَلْعَنْ رَئِيسًا فِي شَعْبِكَ” (خروج 28:22)

كما يحرم العهد القديم سب الملوك حتى وإن لم يتلفظ المرء بهذا السب، فيقول العهد القديم: “لاَ تَسُبَّ الْمَلِكَ وَلاَ فِي فِكْرِكَ، وَلاَ تَسُبَّ الْغَنِيَّ فِي مَضْجَعِكَ، لأَنَّ طَيْرَ السَّمَاءِ يَنْقُلُ الصَّوْتَ، وَذُو الْجَنَاحِ يُخْبِرُ بِالأَمْرِ”. (جامعة 20:10)

أما العهد الجديد، فقد أمر فيه السيد المسيح بطاعة القيصر، ففي العهد الجديد نقرأ: حِينَئِذٍ ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ بِالْحَقِّ، وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ، لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ. فَقُلْ لَنَا: مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَارًا. فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ». (متى 22 :15-21)

وفي الإسلام، يوجب القرآن الكريم طاعة أولي الأمر، ففي القرآن الكريم نقرأ:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (النساء 59:4)

ولقد جعل النبي محمد طاعة إمام المسلمين من طاعته وعصيانه من عصيانه هو صلى الله عليه وسلم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني وإنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى الله وعدل فإن له بذلك أجرا وإن قال بغيره فإن عليه منه” (رواه البخاري)

ولقد أوجب النبي محمد صلى الله عليه وسلم السمع والطاعة لأئمة المسلمين حتى وإن كانوا عبيدا سودا، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة” (رواه البخاري)

وإن مطلق الظلم في الإسلام ليس مسوغا للخروج على أولي الأمر، فقد تنبأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه سيكون في أئمة المسلمين من بعده أثرة أي استئثارا وطمعا وأنانية وأمورا منكرة، ومع ذلك لم يبح النبي صلى الله عليه وسلم الخروج على أولي الأمر وإنما أمر الأمة بالصبر وأمر أفرادها بأداء ما عليهم من الواجبات تجاه أئمتهم وشرع لهم أن يطلبوا من الله عز وجل ما لهم من الحقوق عند حكامهم وأئمتهم.

فعن زيد بن وهب قال: سمعت عبد الله قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم” (رواه البخاري)

ولقد تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع فتن من بعده وأوصى بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم، فعن حذيفة بن اليمان قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت فهل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك. (رواه البخاري)

ولقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على أئمة المسلمين ونهى عن الخروج عليهم وبين أن الموت حال الخروج على الأئمة يعني الموت على غير دين الإسلام لأن الخروج على أولي الأمر ليس من الإسلام في شيء. فعن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من رأى من أميره شيئا فكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية” (رواه البخاري)

وأخيرا، لم يبح الإسلام عصيان أولي الأمر إلا إذا بدر منهم كفر بواح أي كفر بالله تعالى يخرج من دائرة الإسلام ولا يحتمل التأويل وعليه برهان أي دليل قطعي من الكتاب والسنة. فعن عبادة بن الصامت قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (رواه البخاري)

_________

المراجع:

1- القرآن الكريم

2- صحيح البخاري

3- الكتاب المقدس

4- موقع الأنبا تكلا

مواضيع ذات صلة