مريم العذراء بين الكتاب المقدس والقرءآن المنزل

القرآن والكتاب المقدس وحديثهما عن فضل مريم

لا يولى الكتاب المقدس أهمية كبرى للسيدة مريم مقارنة بالقرآن الكريم الذى يذكر أن مريم آية من آيات الله سبحانه وتعالى:

“وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ(23/50).

وأن الله قد انعم عليها وابنها بالنعم. ويجعل لها سورة باسمها فى القرآن: سورة مريم.

وذكر من حسن سيرتها:

“فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿3: ٣٧﴾.

“وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴿3: ٤٢﴾.

“وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (القرآن/23:50)

الكتاب المقدس ورواية ولادة يسوع

أما فى الكتاب المقدس، فلا تُذكر مريم  إلا في الاناجيل وفي حادثة واحدة في سفر الاعمال.‏ (‏أعمال ١:‏١٤‏)‏ أما باقي الاسفار الـ‍ ٢٢ من العهد الجديد،‏ فلا نجد لها ذكرا.‏

وكان أكثر ذكرها فى الاناجيل الاربعة حيث تذكر فى سياق ولادتها لعيسى: فقالت مريم:

“ها انا عبدة الرب. ليكن لي كما تقول” (لوقا 38:1) كما ذكرت في (اْعمال الرسل 14:1)

“اما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا. لما كانت مريم امه مخطوبة ليوسف قبل ان يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس. فيوسف رجلها اذ كان بارا ولم يشأ ان يشهرها اراد تخليتها سرّا. ولكن فيما هو متفكر في هذه الامور اذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ان تأخذ مريم امرأتك. لان الذي حبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لانه يخلّص شعبه من خطاياهم. وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل. هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا .فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما امره ملاك الرب واخذ امرأته. ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر. ودعا اسمه يسوع”. (متى1: 18-25).

وجاء فى لوقا (1: 26-31):

“وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله الى مدينة من الجليل اسمها ناصرة 27الى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف. واسم العذراء مريم. 28فدخل اليها الملاك وقال سلام لك ايتها المنعم عليها. الرب معك مباركة انت في النساء. 29فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى ان تكون هذه التحية. 30فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لانك قد وجدت نعمة عند الله. 31وها انت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع”.

لقد ذكر الكتاب المقدس عن السيدة مريم انها كانت مخطوبة ليوسف بن هالى (يوسف النجار) ويبعد أكثر من ذلك : فيذكر شيوع بنوته له:

“أليس هذا ابن النجار؟ أليست أمه تدعى مريم، وإخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا”.(متى 13/55)

 وهو ما يصادم الواقع وينافى الاعجاز المتكامل لبراءة السيدة مريم من شبهة الزنا. والقرآن الكريم ذكر السيرة الندية لمريم وكفالة زكريا لها وتكريس أمها لها للعبادة:

“فلما وضعتها قالت ربى إنى وضعتها أنثى والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ”(3/36)

و لم يذكر أن مريم عليها السلام كانت مخطوبة لأحد ولا أنها  تزوجت بعد، فذكر عن ولادتها:

حملت مريم وفقا للكتاب المقدس  (‏متى ١:‏١٨‏)‏ حيث قال لها الملاك:

“روح قدس يأتي عليك،‏ وقدرة العلي تظلِّلك.‏ لذلك ايضا يدعى المولود قدوسا،‏ ابن الله”.‏  (‏لوقا ١:‏٣٥‏)‏

“إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَاوَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ” (3/45﴾.

“وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا. قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا . قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا . قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ  وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا.  فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا . فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا. فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا . وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا” (19/21-25)

وانكر على اليهود فى رميهم لها بالزنا. وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ﴿4/١٥٦

“إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ”. ﴿4/١٧١﴾.

“وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ” (66/12)  

ونفى عنها الألوهية:

“وَإِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّـهِ  قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ  إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ  تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ  إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿5/١١٦﴾.

لم يذكر القرآن ان مريم حملت حملا آخر بعد عيسى ولكن الكتاب المقدس يذكر انها انجبت اولادا غير يسوع‏.‏ —‏ متى ١٢:‏٤٦؛‏ مرقس ٦:‏٣؛‏ لوقا ٢:‏٧؛‏ يوحنا ٧:‏٥‏.‏

ويذكر الكتاب المقدس روايات متناقضة بشأن عيسى أنه ابن ليوسف النجار ،ويذكر أن له إخوة:

“أليس هذا ابن النجار. أليست أمه تدعى مريم واخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا” (متى 13: 55)

وقد وجه هذا النص بعض المعلقين على الأناجيل بتأويلات ممجوجة منها أن:

1- اباهم هو القديس يوسف خطيب العذراء.

2- أو انهم اولاد مريم العذراء أو بناتها.

3- أو أن المدعوّين اخوة يسوع ولدتهم مريم العذراء أم يسوع.

4- أو ان احدأ منهم قال أو وصف بأن العذراء أمه ويوسف ابوه

5- أو مريم العذراء عندها اولاد قبل ولادةالسيد المسيح أو بعد .

6- أو ولادة أو موت أي واحد منهم (اخوة يسوع) قبل موت السيد المسيح.

أما النصوص التى يظهر إخوة لعيسى فمنها:

” فقالوا له هوذا امك واخوتك خارجا يطلبونك ” ( مرقس 3: 32).

” أليس هذا هو النجار ابن مريم واخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان” (مرقس 6: 3).

وقد وجه هذه النصوص الشراح توجيها مخالفا لظواهرها المقصودة بأن: لفظة الأخ عند الشعب اليهودي وفي اللغة الآرامية والعبرية لا تدل تقييدا على الأخوة وإنما قد تشير  إلى وكل من جمعتك به قرابة أو حتى صداقة.

وزعم شارح هذه العبارة أن مريم المذكورة غير مريم ام عيسى وانها أخرى وكانت أما لعقوب ويوسى.

والواقع أن النص قد جاء في معرض التعيين ليسوع وتحديد هويته استدلالا بقول الناصريين:

“أليست أمه تدعى مريم “.

مواضيع ذات صلة