تكريم المرأة بين الإسلام والمسيحية

تكريم المرأة بين الإسلام والمسيحية

تكريم المرأة

أيهما أكثر تكريما للمرأة: الإسلام أم المسيحية؟

إن قضايا المرأة من أهم القضايا التي يحتدم الجدل حولها سواء في الإسلام أو المسيحية حيث يسعى كل فريق إلى إثبات أن دينه هو الأكثر إنصافا للمرأة. لذا، تعالوا نتعرف على مكانة المرأة وعلى مدى تكريمها في الإسلام من واقع القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من جانب والمسيحية في ضوء الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد من جانب آخر.

تكريم المرأة ذاتي أم مستمد من تكريم الرجل

الإسلام
كرم الإسلام المرأة تكريما ذاتيا باعتبارها إنسانا كرمه الله تعالى بغض النظر عن نوعه ذكرا كان أو أنثى. ففي القرآن الكريم نقرأ:

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (الإسراء 70:17)

وفي الإسلام، خلقت المرأة على صورة الله تعالى مثل الرجل تماما. فتخبرنا الأحاديث النبوية الشريفة أن آدم خلق على صورة الله وأن ذرية آدم رجالا ونساء ستدخل الجنة على صورة آدم.

فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن. (رواه البخاري)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ” (رواه مسلم)

وروى ابن أبي عاصم أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا قاتل أحدكم فليجتب الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورة وجهه”

وفي الإسلام، لم تخلق المرأة من أجل الرجل، وإنما خلق الرجل والمرأة من أجل عبادة الله عز وجل وتقواه وحده لا شريك له. ففي القرآن الكريم نقرأ:

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (الذاريات 56:51)

كما نقرأ أيضا:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ (النساء 1:4)

المسيحية

ينصب تكريم الإنسان في المسيحية على الرجل وليس المرأة، وإنما تكرم المرأة، إن كرمت، بتكريم الرجل وليس لاستحقاقها تكريما ذاتيا. فالرجل فقط في المسيحية هو المخلوق على صورة الله، أما المرأة فليست مخلوقة على صورة الله. ففي العهد الجديد نقرأ: “فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ”. (كورنثوس الأولى 7:11)

ولقد خلقت المرأة في المسيحية من أجل الرجل. ففي العهد الجديد نقرأ: “لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ”. (كورنثوس الأولى 11 :8-9)

خلق المرأة من ضلع الرجل

الإسلام
على الرغم من أن الإسلام يقر حقيقة خلق المرأة من ضلع الرجل، إلا أن هذا الإقرار لم يأت في سياق تعنيف المرأة أو زجرها ولم يترتب عليه تداعيات دنيوية أو أخروية، وإنما سيق ذلك سببا لوصاية الرجل بالإحسان إلى المرأة وتحمل أخطائها والصبر عليها.

فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا (رواه البخاري)

المسيحية
تقر المسيحية في الكتاب المقدس خلق المرأة من الرجل وتحديدا من أحد أضلاعه. ولكننا نجد أن هذا الإقرار يأتي في الكتاب المقدس مقترنا بنسبة الخطيئة إلى المرأة وتحميلها المسؤولية عنها وكذلك المسؤولية عن إغواء آدم. ففي العهد الجديد نقرأ: “لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ، وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي”. (تيموثاوس الأولى 2 :13-14)

وفي العهد القديم نقرأ: فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ». فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ». (التكوين 3 :11-19)

وهكذا لم تؤد قضية خلق المرأة من الرجل في المسيحية إلى مكسب تحققه المرأة كما هو الحال في الإسلام، وإنما كانت هذه القضية سببا لظلم المرأة واضطهادها والافتراء والتجني عليها.

نقصان عقل المرأة ودينها وكون النساء أكثر أهل النار

الإسلام
يقر الإسلام بحدوث الخطيئة على يد آدم وحواء. ولم ينشغل الإسلام كثيرا بلوم الرجل أو المرأة أو كليهما على هذه الخطيئة، وإنما ركز على التنبيه على عدم تكرار الخطيئة واتباع الشيطان وذلك بالتحذير من مواطن الخلل الإيماني المؤدية إلى الخطيئة بل وتكرارها.

وتارة يكون هذا التحذير موجها لجميع بني آدم رجالا ونساء، وتارة يكون موجها للنساء على وجه التحديد. فأما التحذير العام للرجال والنساء، فمنه قوله تعالى:

يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (الأعراف 27:7)

وأما التحذير الموجه للنساء تحديدا، فمنه الحديث التالي: عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار فقلن وبم يا رسول الله قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله قال أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل قلن بلى قال فذلك من نقصان عقلها أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم قلن بلى قال فذلك من نقصان دينها (رواه البخاري)

ففي الحديث السابق تحذير وإخبار بأمر غيبي. فأما التحذير، فهو تحذير من النقصان الفطري في شخص المرأة والمؤدي بالضرورة إلى نقصان الإيمان والوقوع في الخطيئة. وأما الإخبار بالأمر الغيبي، فهو إخباره صلى الله عليه وسلم بأحد المشاهد التي رآها في رحلتي الإسراء والمعراج وهو أنه رأى أن النساء يمثلن أكثر أهل النار.

وليس في الحديث ما يشين المرأة الصالحة أو يدعوها إلى اليأس أو القنوط من رحمة الله وإنما ينطوي الحديث على تحذير من أسباب نقصان الدين وعلى تشجيع على ما يزيد الإيمان وهو العمل الصالح ومنه الصدقة تحديدا. فإن المرأة إذا اجتنبت أسباب نقصان الدين المذكورة دخلت الجنة. فعن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت”. (رواه أحمد)

المسيحية
تركز المسيحية على الخطيئة الأولى، وكثيرا ما توجه اللوم إلى المرأة ممثلة في السيدة حواء باعتبارها المسئول الأول عن هذه الخطيئة. وإذا كانت المرأة كذلك، فهذا يعني بالضرورة نقصانا في إيمانها وعقلها وصيرورتها إلى النار جزاء لها على ما كسبت يداها.

فعلى سبيل المثال، نقرأ في الكتاب المقدس: فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ». فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». (التكوين 3 :11-16)

كما نقرأ أيضا: “لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ، وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي”. (تيموثاوس الأولى 2 :13-14)

ونلاحظ دائما في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد توجيه اللوم إلى المرأة دون إعطاء حلول للتخلص من الخطيئة وعدم تكرارها.

وإن نقصان عقل المرأة ودينها المتمثلين في كون شهادتها مثل نصف شهادة الرجل وتركها العبادة حال حيضها يقره الكتاب المقدس، فلا تقبل شهادة المرأة أصلا (الخروج 1:23)، (اللاويين 1:5)، كما أن عليها ترك العبادة حال حيضها (اللاويين 1:12-8).

الزعم بتشبيه المرأة بالحيوان

الإسلام
يدعي البعض أن الإسلام يشبه المرأة بالحمار والكلب استنادا إلى حديث أسيئ فهمه وقد ورد فيه: “…فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود…”

ولكن الرد على من أساء فهم هذا الحديث نجده في صحيح البخاري. فعن مسروق أن عائشة ذكر عندها ما يقطع الصلاة: الكلب والحمار والمرأة، فقالت “شبهتمونا بالحمر والكلاب. والله لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة…” (رواه البخاري)

وعن عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: “لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيصلي من الليل وإني لمعترضة بينه وبين القبلة على فراش أهله”. (رواه البخاري)

وقد يتضح المعنى المقصود من الحديث الأول إذا أورد الحديث في سياقه الكامل:

عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قلت يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر قال يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال الكلب الأسود شيطان (رواه مسلم)

ومعنى هذا الحديث أن على الرجل أن يتخذ أمامه سترة أي حائلا يمنع مرور أحد أو شيء أمامه مباشرة. وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن المرور من أمام المصلي مباشرة يقطع الصلاة بمعنى ينقص الخشوع فيها أو يبطلها على خلاف بين العلماء. وخص النبي بالذكر المرأة والحمار والكلب الأسود لحكمة معينة، فمرور المرأة الأجنبية من أمام الرجل مباشرة لا شك أنه يشتت انتباهه ويؤثر على تركيزه في الصلاة. أما الحمار، فلأن له صوت بغيض يحول دون الخشوع في الصلاة. وأما الكلب الأسود، فلأنه شيطان على حد قول النبي محمد، سواء كان شيطانا حقيقيا أو يشبه الشيطان من حيث القبح.

وهكذا، فليس المعنى المراد أن المرأة حيوان أو أنها تشبه الحيوان، ولكن المقصود أن لها تأثير يحول دون الخشوع في الصلاة إذا مرت من أمام الرجل مباشرة وهو يصلي ولا جدال في ذلك.

وربما سأل سائل عن السر في تخصيص المرأة والحمار والكلب الأسود بالذكر، ولنا أن نقول أن الخشوع في الصلاة يتأثر بمرور أي شيء أمام المصلي سواء كان إنسانا أو حيوانا لاسيما عند الحسن الشديد أو القبح الشديد. فالحسن الشديد تمثله المرأة والقبح الشديد يمثله الحمار والكلب الأسود. وسواء عرض للمصلي حسن شديد أو قبح شديد، فإن ذلك يخرجه من حالة الخشوع المطلوبة في الصلاة.

ولا حاجة في هذا المقام إلى إثبات تكريم المرأة ومساواتها بالرجل، ويكفي أن نورد قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما النساء شقائق الرجال” (رواه أحمد والترمذي وأبو داود). ولذلك، اعترضت السيدة عائشة على من أساء فهم الحديث المذكور، وأوضحت أنها كانت تضطجع أمام النبي وهو يصلي تأكيدا على أن المرأة ليست حيوانا يقطع الصلاة على نحو ما فهم البعض، وإنما المقصود أن المرأة الأجنبية هي التي تنقص من الخشوع في الصلاة إذا ما مرت من أمام المصلي مباشرة بدون حائل بينهما.

ومما يثار عن تشبيه المرأة بالحيوان في الإسلام وصف النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة بـ”الحميراء”. فعن عائشة قالت: “دخل الحبشة يلعبون فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم. فقلت: نعم” (رواه النسائي)

فيدعي بعض الجهال أن وصف “الحميراء” معناه الحمارة الصغيرة. والحقيقة أن “الحميراء” تصغير لكلمة “الحمراء”، والمعنى الفتاة الصغيرة التي يشوب بشرتها البيضاء بعض الاحمرار. أما الحمارة الصغيرة، فهي “الحميّرة” تصغيرا لـ”الحمارة” وليس “الحميراء”.

المسيحية
ورد في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد تشبيه للمرأة بالحيوان في غير موضع. فعلى سبيل المثال، شبهت المرأة بالكلب. فالكتاب المقدس ينقل عن السيد المسيح قوله في العهد الجديد: فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!» فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب». فَقَالَتْ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!». (متى 25:15-27)

وشبهت المرأة بالخنزيرة أيضا. ففي العهد القديم نقرأ: “خِزَامَةُ ذَهَبٍ فِي فِنْطِيسَةِ خِنْزِيرَةٍ الْمَرْأَةُ الْجَمِيلَةُ الْعَدِيمَةُ الْعَقْلِ”. (الأمثال 22:11)

قوامة الرجل على المرأة

الإسلام
يقر الإسلام قوامة الرجل على المرأة (النساء 34:4)، ولكن هذه القوامة لا تعني تسلطه عليها ولا قهرها ولا ظلمها، وإنما هي في الإسلام دور قيادي يؤديه الرجل لمصلحة أسرته برمتها لاسيما المرأة، فهو الأقدر على هذه القيادة بحكم ما خصه الله به من الخصائص المادية والمعنوية التي تؤهله لهذه القوامة.

ولقد شرع الله تعالى من الأحكام ما يضمن كون قوامة الرجل في صالح المرأة وليس ضدها. فقوامة الرجل في الإسلام تقتضي إمهار المرأة أي دفع مهر لها (النساء 4:4)، كما تقتضي تدبير مسكن للزوجية (الطلاق 6:65) والإنفاق على الزوجة (الطلاق 7:65) ولزوم المعاشرة الجنسية كحق أصيل للمرأة لها المطالبة به ولها فسخ النكاح عند عدم استيفائه (البقرة 187:2)، (البقرة 222:2)، وتحمل الزوجة والصبر عليها (النساء 19:4).

وهكذا، فإن قوامة الرجل في الإسلام تصب دائما في مصلحة المرأة، ولا يسمح له بإساءة استغلالها. فحتى في حالة الخلافات الزوجية، وضع الإسلام ضوابطا يلتزم بها الرجل في التعامل مع هذه الخلافات بحيث لا يستغل قوامته في الانتقام من المرأة أو التنكيل بها (النساء 34:4-35).

وإن القوامة في الإسلام لا تتعارض مع الذمة المالية المستقلة للمرأة، فلا يجوز للرجل الاستيلاء على مال مملوك للمرأة أو حرمانها من أي حق من حقوقها المشروعة (النساء 19:4)، (النساء 3:4)، (النساء 127:4)، (النساء 7:4). فقوامة الرجل في الإسلام تضيف إلى المرأة حقوقا مادية ومعنوية ولا تنتقص منها شيئا.

المسيحية
إن “تسلط أو سيادة الرجل على المرأة” في المسيحية هو المرادف لقوامة الرجل على المرأة في الإسلام. فنلاحظ أن السيادة التي جعلها الكتاب المقدس للرجل على المرأة إنما هي سيادة انتقامية وقهرية. فنجد في العهد القديم على سبيل المثال أن الرجل إنما اكتسب هذه المكانة على المرأة انتقاما لما كان منها من الإغواء بارتكاب الخطيئة الأولى.

ففي العهد القديم نقرأ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ». فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». (التكوين 3 :11-16)

ويوحي لنا العهد الجديد بقهر المرأة وإلزامها بالخضوع للرجل الذي له التسلط والسيادة عليها. ففي العهد الجديد نقرأ: “لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ. وَلكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ” (تيموثاوس الأولى 2 :11-12)

ولا نجد في الكتاب المقدس بعهديه القديم أو الجديد حقوقا أو مكتسبات تجنيها المرأة من سلطة الرجل أو سيادته عليها سوى دعوة عامة للرجل لحب زوجته (أفسس 25:5) دون إلزامه بأية حقوق مادية أو ملموسة يمكن للمرأة المطالبة بها أو زجره عن التعدي على ذمتها المالية المستقلة، وكأن سلطة الرجل وسيادته على زوجته في المسيحية حق له غير مقرون بحق مواز للمرأة تجنيه من سلطته وسيادته عليها.

حق المرأة في الحياة

الإسلام
حرمت المرأة قبل الإسلام من حقها في الحياة سواء عند مولدها أو حتى بعد بلوغها مبلغ النساء. فجاء الإسلام ليكفل لها حق الحياة في جميع مراحل حياتها ما لم يصدر عنها ما يوجب سلب هذا الحق منها. فنهى الإسلام عن وأد البنات الذي كان ظاهرة منتشرة بين العرب (الأنعام 140:6)، (الأنعام 151:6)، (النحل 16 :58-59)، (التكوير 81 :8-9)، كما نهى الإسلام عن قتل المرأة بدون حق حتى في الجهاد ضد الكافرين. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان (رواه البخاري)

المسيحية
لا تميز المسيحية في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد بين رجل وامرأة في القتل (لوقا 27:19)، (يشوع 8 :24-25)، (القضاة 9 :44-45)، (التثنية 42:32)، (يشوع 11:11-12)، (القضاة 37:20)، (القضاة 48:20)، (الملوك الثاني 17:10)، (أستير 9 :5-12). فتحرم المسيحية المرأة من حقها المشروع في الحياة لمجرد عدم الإيمان بها أو بالسيد المسيح حسبما ورد في العهد الجديد أو لعدم الانتماء للجنس اليهودي أو عدم الإيمان بدين اليهود في العهد القديم (العدد 25 :14-18)، (العدد 17:31). ولا تمييز في قتل المرأة بين الطفلة الصغيرة (صمويل الأول 3:15)، (أخبار الأيام الثاني 15 :12-13)، (أستير 10:8-11)، أو المرأة الكبيرة (الملوك الثاني 11 :13-16)، (الملوك الثاني 20:11)، (أخبار الأيام الثاني 12:23-15)، (أخبار الأيام الثاني 21:23)، حسبما ورد في الكتاب المقدس.

التعليم والتعلم في حياة المرأة

الإسلام
يبيح الإسلام للمرأة التعلم والتعليم، بل ويأمر بهما في أكثر من موضع في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. فالمرأة على سبيل المثال داخلة في عموم النصوص القرآنية التي تدعو الإنسان سواء كان رجلا أو امرأة إلى التعلم والتعليم (العلق 96 :1-5)، والتي تذكر الإنسان بنعمة تعليم الله له (الجمعة 2:62)، (الرحمن 55 :1-4) والتي تتناول فضل العلم والعلماء (المجادلة 11:58).

وفضلا عن تلك النصوص العامة، ورد في القرآن الكريم نصوص خاصة تأمر النساء بالتعلم والتعليم، مثل أمر الله لأمهات المؤمنين وهن زوجات النبي بمذاكرة واستذكار الحكمة وهي السنة النبوية قولا وفعلا وإقرارا وذكرها للناس رجالا ونساء (الأحزاب 34:33).

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على تعليم النساء على حدة. فعن أبي سعيد الخدري قال: قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن (رواه البخاري)

وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ومعه بلال فظن أنه لم يسمع فوعظهن وأمرهن بالصدقة فجعلت المرأة تلقي القرط والخاتم وبلال يأخذ في طرف ثوبه (رواه البخاري)

ولقد أوصى الإسلام الرجل بتعليم أهله أي زوجته. فعن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران (رواه البخاري)

كما أوصى الإسلام بتعليم البنات. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ، فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، وَأَسْبَغَ عَلَيْهَا مِنْ نَعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَسْبِغَ عَلَيْهِ، كَانَتْ لَهُ سِتْرًا وَحِجَابًا مِنَ النَّارِ” (رواه الطبراني وأبو نعيم)

المسيحية
تنهى المسيحية المرأة عن التعلم والتعليم بزعم أن ذلك يتعارض مع ما يجب عليها في الناموس من الخضوع والاستسلام لسلطة الرجل. ففي العهد الجديد نقرأ: “لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. وَلكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ”. (كورنثوس الأولى 14 :34-35)

كما نقرأ أيضا: “لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ. وَلكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ” (تيموثاوس الأولى 2 :11-12)

الزواج المبكر

الإسلام
إن الزواج مؤسسة اجتماعية يقيمها رجل وامرأة قد بلغا الحلم. فمتى بلغ الذكر أو الأنثى الحلم، جاز له أو لها الزواج، وليس هناك ما يمنع ذلك لأنه إذا أصبح الذكر أو الأنثى قادرا أو قادرة على إنجاب إنسان، فماذا يمنعه أو يمنعها من الزواج؟ فلا يعقل أن يطلق وصف “طفل” على إنسان بالغ يستطيع إنجاب إنسان آخر. وليس هناك معيار لبلوغ الإنسان أفضل من قدرته على التزاوج والإنجاب، لأنه لا معنى من تحديد سن معين للبلوغ، فالدول والحكومات تختلف في تحديد هذا السن، أما البلوغ الفسيولوجي فلا خلاف فيه.

وهناك فرق بين مجرد عقد الزواج وبين الدخول. فيجوز في الإسلام عقد الزواج بين أي ذكر وأنثى يحل لهما الزواج من بعضهما البعض. ولكن لا يجوز الدخول حتى يبلغ الذكر مبلغ الرجال وحتى تبلغ الأنثى مبلغ النساء. ولا يشترط سن معين للزوج أو الزوجة ولا حد للفارق بينهما في السن، وما نلمسه اليوم من اشتراط التقارب في السن بين الزوج والزوجة من قبيل العرف المستحدث ولم يكن معمولا به قبل ذلك.

ولذلك، تزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة وهي بنت ست سنوات ودخل بها لما بلغت الحلم وهي بنت تسع سنوات. ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: “تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة ست، وبنى بي وأنا ابنة تسع”.

واللافت للنظر أن أهل زمان النبي صلى الله عليه وسلم لم يعيبوا عليه الزواج من السيدة عائشة لأن ذلك كان عادة أهل هذا الزمان.

المسيحية
لا نجد في الكتاب المقدس بعهديه القديم أو الجديد تحديدا لسن الزوج أو الزوجة أو حتى الفرق بينهما في العمر، بل يخبرنا مفسرو الكتاب المقدس (في موقع الأنبا تكلا) أن السيدة مريم كانت فتاة صغيرة قد خطبت ليوسف النجار الذي كان شيخا كبيرا كما تظهره الصورة التالية:

يوسف

ويخبرنا موقع فريق اللاهوت الدفاعي أن السيدة مريم كان عمرها حوالي 15 عاما عندما حملت بالسيد المسيح.

السيدة مريم

ومن ثم، كان أهل الأزمنة القديمة يتزوجون في سن صغيرة ولم يكن هناك حد لسن الزوج أو الزوجة أو الفارق بينهما في السن.

أحكام الحيض والنفاس والاستحاضة

الإسلام
في الإسلام، لا يعني الحيض أو النفاس أو حتى الاستحاضة عزل النساء بالكلية، وإنما يعني الامتناع عن الوطء فقط، فلقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يباشر زوجاته فيما دون الفرج وهن حيض وكن يغسلن رأسه وهو معتكف وهن حيض أيضا وكان يغتسل هو وزوجاته الحيض من إناء واحد. فعن عائشة قالت: “كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد كلانا جنب وكان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف فأغسله وأنا حائض” (رواه البخاري)

وللحائض والنفساء أحكام مخففة في الإسلام، فللحائض والنفساء ترك صوم أيام حيضها أو نفاسها في رمضان وقضاؤه بعد رمضان كما أن لهما ترك الصلاة بدون قضاء، ويسن لهما شهود صلاة العيدين. أما الاستحاضة، فليس عليها سوى التطهر بالوضوء لكل صلاة في غير وقت حيضها المعتاد.

المسيحية
يعد الكتاب المقدس المرأة الحائض نجسة ويعتبر كل من يمسها أو يمس فراشها أو متاعا تجلس عليه نجسا كما يعتبر كل من يضطجع معها نجسا وكل ما تضطجع أو تجلس عليه نجسا. وعلى من مس فراشها أو متاعا تجلس عليه أن يغسل ثيابه ويستحم. (اللاويين 19:15-24)

أما النفاس، فيعد الكتاب المقدس المرأة النفساء نجسة كالحائض، فلا تمس أي شيء مقدس ولا تذهب إلى المقدس، وتزداد نجاسة المرأة النفساء إذا ولدت أنثى، ولأن النفاس جريمة في نظر العهد القديم، فالمرأة النفساء بحاجة إلى التكفير عنه. (اللاويين 1:12-8)

أما الاستحاضة، فهي في الكتاب المقدس كالحيض من حيث نجاسة المرأة المستحاضة وحاجتها إلى التكفير عن جريمة لم ترتكبها، إلا أن معاناة المستحاضة أطول وأقسى من النفساء. (اللاويين 25:15-33)

الحجاب

الإسلام
يأمر الإسلام المرأة بالحجاب، ويقترن الأمر بالحجاب بأسباب معينة منها ما يخص المرأة وحدها ومنها وما يخص الرجل والمرأة على حد سواء. أما ما يخص المرأة، فهو حمايتها من الأذى المتوقع من جانب الرجل. فعلى سبيل المثال، نقرأ في القرآن الكريم:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (الأحزاب 59:33)

وأما ما يخص الرجل والمرأة على حد سواء، فهو تطهير قلوب الرجال والنساء على حد سواء من الفتنة والريبة. فنقرأ في القرآن الكريم:

وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ (الأحزاب 53:33)

المسيحية
تأمر المسيحية المرأة بالحجاب أيضا ولكن ليس من أجلها ولكن من أجل الرجل، فهي وفقا للعهد الجديد مجد الرجل وهي من الرجل وخلقت له. ففي العهد الجديد نقرأ:

وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغُطَّى، فَتَشِينُ رَأْسَهَا، لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ. إِذِ الْمَرْأَةُ، إِنْ كَانَتْ لاَ تَتَغَطَّى، فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ، فَلْتَتَغَطَّ. فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ. لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ. (كورنثوس الأولى 5:11-9)

حرية اختيار الزوج

الإسلام
يكفل الإسلام للمرأة حرية اختيار زوجها. فعن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تنكح الأيم (الثيب) حتى تستأمر. ولا تنكـح البكر حتى تستأذن. قـالوا يا رسـول الله: وكيف إذنها (البكر). قال: أن تسكت”. (رواه البخاري ومسلم)، وإذا طلقت المرأة أو ترملت، فلها أن تتزوج من جديد وأن تختار زوجها من جديد (البقرة 2 :228-232).

المسيحية
تنفر المسيحية على لسان بولس في رسائله الرجل والمرأة على حد سواء من الزواج (1 كورنثوس 1:7)، (1 كورنثوس 8:7)، (1 كورنثوس 25:7-28). ومتى تزوجت المرأة في المسيحية فليس لها الحق في الطلاق إلا بارتكاب الزنا (متى 19 :3-9)، وإذا طلقت المرأة أو ترملت في المسيحية، فليس لها أن تتزوج مرة أخرى، حيث تنفر المسيحية المطلقات والأرامل من الزواج كما تنفر الرجال من الزواج منهن (متى 5 :31-32)، (1 كورنثوس 8:7).

وعلاوة على ما سبق، تجبر الأرملة على الزواج من أخي زوجها (التثنية 5:25)، كما يفرض على المغتصب الزواج من مغتصبته (التثنية 22 :28-29). ولا يجوز للمطلقة وفقا للعهد القديم الزواج من زوجها الأول بعد طلاقها من زوج ثان أو وفاته (التثنية 24 :1-4).

المهر وحقوق الزوجية

الإسلام
يعطي الإسلام للمرأة حق الحصول على مهر من زوجها قبل الزواج (النساء 4:4)، ولها بعد طلاقها الحصول على مؤخر صداقها إن وجد ما لم تتنازل عنه بمحض إرادتها (البقرة 229:2)، علاوة على المتعة (البقرة 241:2)، وكذلك النفقة والسكنى طوال عدتها إذا كانت مطلقة رجعية أي طلقت مرة واحدة أو مرتين (الطلاق 65 :6-7).

المسيحية
ليس للمرأة حقوق في المسيحية سوى المهر قبل زواجها (الخروج 22 :16-17)، (صموئيل الأول 25:18)، (ملوك الأول 16:9).

الذمة المالية المستقلة للمرأة

الإسلام
يكفل الإسلام للمرأة ذمة مالية مستقلة، فليس لأبيها ولا لأخيها ولا لزوجها ولا لأي أحد التعدي على ممتلكاتها. فعلى سبيل المثال، كان أهل الجاهلية يتوارثون المرأة كما يتوارثون المتاع وكانوا يأكلون أموالها، فنهى الإسلام عن وراثة المرأة وعن أكل أموالها (النساء 19:4)، ونهى الإسلام عن أكل أموال اليتيمات وعن أكل مهورهن (النساء 3:4)، (النساء 127:4)، كما نهى الإسلام عن أكل مواريث الأرامل واليتيمات (النساء 7:4).

وفي الإسلام، يصبح المهر المدفوع للمرأة ملكا لها ولا يجوز للزوج أن يأخذ منه شيئا تحت أي ظرف من الظروف إلا بالتراضي (البقرة 229:2)، (النساء 4 :20-21).

المسيحية
من واقع الكتاب المقدس، لا نجد للمرأة ذمة مالية مستقلة، بل نجدها هي نفسها سلعة تباع (الخروج 7:21)، (التكوين 31 :14-15)، وتشترى (راعوث 5:4) وتورث (التثنية 5:25).

صوت المرأة ومشورتها ورأيها

الإسلام
إن ما يشيع من كون صوت المرأة عورة في الإسلام لا أصل له لا في الكتاب ولا في السنة، وإنما المنهي عنه هو “الخضوع بالقول” أي لين الكلام الموحي بالفاحشة. (الأحزاب 32:33)

بل إن للمرأة في الإسلام أن تتكلم وأن تعبر عن نفسها وأن تبدي رأيها ولها أن يؤخذ برأيها إذا كان صائبا. ولقد كان للإسلام السبق تاريخيا في تمكين المرأة من المشاركة السياسية والاجتماعية والدينية. فإن بيعة النساء تعتبر أول مشاركة سياسية واجتماعية ودينية للمرأة في التاريخ الإنساني، حيث حرص النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الاجتماع بنساء أمته ومبايعتهم له بيعة منفصلة عن بيعة الرجال (الممتحنة 12:60).

وعلى الصعيد الاجتماعي والديني أيضا، كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على المشاركة الدينية والاجتماعية للنساء في المناسبات الدينية لاسيما صلاة العيد، كما كان حريصا على التحدث إليهن ووعظهن على حدة والاستماع إليهن والرد على تساؤلاتهن.

وأما رأي المرأة ومشورتها، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخذ بها والعمل بها، ولا أدل على ذلك من أخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي أم سلمة في صلح الحديبية عندما صالح كفار قريش على الرجوع إلى المدينة وعدم أداء العمرة في ذلك العام على خلاف رغبة الصحابة رضوان الله عليهم.

فعن عمر أن النبي قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا قال فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة يا نبي الله أتحب ذلك اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما. (رواه البخاري).

المسيحية
تفرض المسيحية على المرأة الصمت والخضوع وعدم الكلام. ففي العهد الجديد نقرأ: “لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. وَلكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ”. (كورنثوس الأولى 14 :34-35)

كما نقرأ أيضا: “لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ. وَلكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ” (تيموثاوس الأولى 2 :11-12)

ويوحي الكتاب المقدس بأن الخطيئة الأولى إنما كانت نتاجا للانسياق وراء رأي المرأة ومشورتها. ففي العهد الجديد نقرأ: “لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ، وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي”. (تيموثاوس الأولى 2 :13-14)

وفي العهد القديم نقرأ: فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ». فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ». (التكوين 3 :11-19)

تأديب الزوجة

الإسلام
إن الزواج في الإسلام مؤسسة اجتماعية مبنية على مفهوم “القوامة” (النساء 34:4)، وهو مفهوم يتحمل الزوج بموجبه التزامات مادية ثقيلة وعديدة، ولا تقابل هذه الالتزامات بالتزامات مادية متكافئة من جانب المرأة، بل التزامات معنوية متمثلة في مجملها في الطاعة مع القليل من الالتزامات المادية. فيجب على الرجل على سبيل المثال إمهار المرأة أي دفع مهر لها (النساء 4:4)، وتدبير مسكن للزوجية (الطلاق 6:65) والإنفاق على زوجته (الطلاق 7:65) والوفاء بكافة احتياجاتها، بل إن المعاشرة الجنسية في الإسلام حق للمرأة لها المطالبة به ولها فسخ النكاح عند عدم استيفاء هذا الحق (البقرة 187:2)، (البقرة 222:2).

وفي الوقت نفسه، ينفر الشارع الحكيم الرجل من الطلاق ويوصيه بتحمل زوجته والصبر عليها (النساء 19:4). ولكن ماذا لو لم يستطع الزوج التحمل والصبر؟

إن الرجل في الإسلام بين مطرقة الالتزامات الزوجية وسندان الطلاق، بمعنى أنه مطالب بالوفاء بالالتزامات الزوجية ومنهي عن الطلاق ومأمور بحسن التصرف في حقه في الطلاق وحق زوجته في الطلاق الذي بيده أيضا نظرا لما حباه الله من الحكمة والتعقل ونظيرا لقوامته.

لذا، لابد من إنصافه بحلول عند تعذر تحمل زوجته والصبر عليها. وتتمثل هذه الحلول (النساء 34:4-35) في أسلوب متدرج في التعامل مع الزوجة الناشز أي العاصية المتمردة تبدأ بإجراء شفهي تحذيري وهو الوعظ والتنبيه؛ فإن لم يجد ذلك نفعا، فيتخذ إجراء عملي ولكن سلمي وسلبي وهو الإعراض عن الزوجة بهجرها سواء في نفس المضجع أو إلى مضجع آخر؛ فإن لم يجد ذلك نفعا، فللزوج ضرب زوجته ضربا خفيفا غير مبرح على سبيل الزجر والتعنيف وليس الانتقام أو العقوبة؛ فإن لم يجد ذلك نفعا، يلجأ الزوجان إلى تحكيم الأهل في أمرهما على أن يمثل كل طرف بحكم واحد. فإن توصل الحكمان لحل، فبها ونعم. وإذا رأيا الطلاق، وقع الطلاق وحصلت الفرقة وتخلص الزوجان من زيجة تعيسة، حتى يتمكن كل منهما من البحث عن سعادته مع شريك حياة آخر.

المسيحية
إن الزواج في المسيحية مؤسسة اجتماعية يتكافأ فيها الرجل والمرأة من حيث الالتزامات المادية، فلا توجد نصوص صريحة في الكتاب المقدس تأمر الزوج بتوفير مسكن أو بالإنفاق على زوجته أو حتى تلزمه بأداء حق المرأة في المعاشرة الجنسية.

وتقتصر تعاليم الكتاب المقدس على وصاية الزوج بحب زوجته (أفسس 25:5)، ووصاية الزوجة بحب زوجها وطاعته (1 كورنثوس 3:11)، (تيطس 4:2-5)، دون ذكر أي حلول عند حدوث خلافات زوجية. ولما كان الأمر كذلك، لم يكن غريبا أن نجد الأزواج المسيحيين يلجئون إلى هجر زوجاتهم والامتناع عن الوفاء بأي التزامات زوجية تجاههن نظرا لعدم توفر حلول زوجية في المسيحية والكتاب المقدس في حال الخلافات الزوجية مع العلم بتعذر الطلاق في المسيحية إلا لعلة الزنا.

ومن ثم كان تشريع حلول علاجية زوجية يتم اللجوء إليها في حالة الخلافات الزوجية حتى وإن بدا بعضها قاسيا أفضل من ترك الزوجة معلقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة، مما يؤدي إلى زيجات شكلية لا تكون إحداها زيجة حقيقية سعيدة تلبي احتياجات المرأة المادية والمعنوية ولا هي فرقة حاسمة تريح المرأة وتمنحها الأمل في غد أفضل.

تعدد الزوجات

الإسلام
لا يوجب الإسلام تعدد الزوجات، وإنما يبيحه بشرط عدم الجمع بين أكثر من أربع زوجات (النساء 3:4) وعدم الجمع بين أختين أو المرأة وعمتها أو خالتها (النساء 23:4) والقدرة المالية والصحية على التعدد والعدالة بين الزوجات (النساء 129:4). وبذلك، كان للإسلام السبق تاريخيا في تحديد عدد معين للزوجات واشتراط القدرة على التعدد والعدالة بين الزوجات.

المسيحية
لم يتعرض السيد المسيح في تعاليمه الواردة في الأناجيل الأربعة إلى تعدد الزوجات، وإنما فرض ما يسمى بـ”شريعة الزوجة الواحدة” من قبل بولس الذي كان يعارض فكرة الزواج أصلا ويصد عنها ويدعو إلى البتولية والرهبنة (1 كورنثوس 1:7)، (1 كورنثوس 8:7) ويحرم على المرأة الأرملة أو المطلقة الزواج مرة أخرى (1 تيموثاوس 11:5)، (متى 32:5). ويحدثنا العهد القديم عن تعدد الزوجات في حياة الأنبياء أنفسهم ناهيك عن عموم الناس دون ذكر أي تحديد لعدد الزوجات أو اشتراط القدرة على التعدد أو العدل بين الزوجات (1 ملوك 11 :2-3)، (2 صموئيل 13:5).

الحق في الطلاق

الإسلام
يبيح الإسلام الطلاق عند تعذر العشرة بالمعروف، ويعطي المرأة الحق في طلب الطلاق عند الضرر.

وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (البقرة 227:2)

المسيحية
لا تعطي المسيحية للمرأة حق الطلاق، ولكن تعطيه للرجل وذلك لعلة الزنا فقط. ففي العهد الجديد نقرأ: “وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَق. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي”. (متى 5 :31-32)

ميراث المرأة

الإسلام
لم يكن أهل الجاهلية يورثون المرأة أصلا، فجاء الإسلام وأعطى للمرأة حق الميراث (النساء 7:4)، والأصل في الميراث وقدره في الإسلام اعتباران؛ الأول: درجة قرب الوارث من المورث، ثم الثاني: مدى إفادته له من الناحية المادية والمالية ويقاس هذا الاعتبار الثاني بما يقرره الشرع من التزامات على الوارث تجاه المورث أي الميت.

وعليه، ترث الأنثى الأقرب نصيبا أكبر من الذكر الأبعد، وربما لا يرث هذا الذكر أصلا لاسيما في حالة وجود بنات وأخوات للميت بدون ابن أو أخ. فإذا استوى وارثان في درجة القرب من الميت، يراعى مدى إفادة الوارث للميت ماديا وماليا بموجب الالتزامات المادية والمالية المقررة شرعا.

وبالتالي، إذا استوى ذكر وأنثى في درجة القرابة من الميت، يرث الذكر نصيبا أكبر من الأنثى وقد يصل هذا النصيب إلى ضعف نصيب الأنثى. ويتجلى هذا الاعتبار في الحالات التي يكون الورثة فيها ابن/أبناء وبنت/بنات؛ أو حفيد/أحفاد وحفيدة/حفيدات؛ أو أخ/إخوة وأخت/أخوات. ففي هذه الحالات، يرث الابن ضعف البنت، والحفيد ضعف الحفيدة، والأخ ضعف الأخت. (النساء 11:4)

كما يتجلى هذا الاعتبار في حالتي ميراث الزوج من الزوجة والزوجة من الزوج. فالزوج يرث من زوجته ضعف ما كانت سترث منه. فعلى الرغم من استواء الزوج والزوجة في درجة القرب من بعضهما لبعض، إلا أن الزوج يرث ضعف ما كانت زوجته سترث منه والسر في ذلك أن الزوج يتحمل التزامات مادية ومالية تجاه زوجته، ولذلك فإنه يحصل على نصيب أكبر من تركتها يعادل ضعف ما كانت سترث منه. أما هي، فلا تتحمل التزامات مادية ومالية تجاه زوجها، ولذلك فتحصل على نصف ما كان سيرث منها حتى يحصل الأقارب الذين قد يستوون في القرب من الميت مع الزوجة وربما كانوا أقرب إلى الميت ويتحملون التزامات مادية ومالية تجاه الميت على نصيب كاف يعوضهم عما تحملوه من التزامات مادية ومالية تجاه الميت مثل أبناء الميت أو أخوته أو عصباته. (النساء 12:4)

ويسري ما سبق على ميراث الكلالة وهو ميراث من لا ولد له. فالأخت ترث نصف تركة أخيها، أما هو فيرث جميع تركتها إن ماتت قبله ويرث الأخوة في ميراث الكلالة للذكر ضعف الأنثى والسر في ذلك كما أسلفنا هو تحمل الأخ التزامات مادية ومالية تجاه أخته، أما هي فلا تتحمل أية التزامات مادية أو مالية تجاه أخيها. (النساء 176:4)

وعلى الرغم من الاعتبارين الأساسيين السابقين وهما درجة القرب ومدى الإفادة المادية والمالية، قد ترث المرأة مثل الرجل كما هو الحال في ميراث الإخوة والأخوات لأم وقد ترث الأم مثل الأب على الرغم من أن الأخ لأم والأب يتحملان تجاه الميت التزامات مادية ومالية لا تتحمل الأخت لأم أو الأم التزامات مثلها تجاه.

المسيحية
لم ترد في تعاليم السيد المسيح أحكام خاصة بالميراث (لوقا 13:12-14)، وإنما من المفترض أن يتم العمل بالشريعة الموسوية في المسيحية من حيث أحكام الميراث.

ونلاحظ في الشريعة الموسوية حسبما وردت في العهد القديم أنه ليس للمرأة نصيب محدد سواء متساو أو حتى غير متساو مع الرجل، بل هي في حد ذاتها ميراث يرثه الرجل (التثنية 5:25)، (متى 24:22)، وإذا تصادف وكان للمرأة نصيب في الميراث، فهي لا تعطى هذا النصيب إلا في حالة عدم وجود إخوة ذكور لها (العدد 6:27-8)، وإن أعطيت نصيبا، فيكون نصيبها على النصف من الابن البكر للميت (التثنية 21 :15-17)، وحتى هذا النصيب لا يعطى لها حتى تتصرف فيه كما تشاء ولكن تعطى هذا النصيب بشرط الزواج من يهودي من نفس السبط حتى يعود هذا النصيب لوارث يهودي ذكر (العدد 8:36).

حضانة الأطفال

الإسلام
يعطي الإسلام المرأة الحق في حضانة الأطفال ما لم تتزوج. فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن امرأة قالت يا رسول الله: إن ابني كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنت أحق به ما لم تنكحي (رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم)

المسيحية
لم تتناول المسيحية في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد حضانة الأطفال.

بر الوالدة

الإسلام
على الرغم من وصاية الإسلام ببر الوالدين، إلا أن الأم لها في الإسلام نصيب الأسد من رعاية أبنائها وبرهم واهتمامهم، حيث إن حق الأم على أبنائها يعادل ثلاثة أضعاف حق الأب في الإسلام (لقمان 31 :14-15)، (الأحقاف 15:46)، “أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك” (رواه البخاري).

المسيحية
لا تولي المسيحية الأم عناية خاصة مثل الإسلام، وإنما تقتصر التعاليم المسيحية على الوصاية بالوالدين على قدم المساواة (الخروج 12:20)، (التثنية 16:5).

شهادة المرأة

الإسلام
إن شهادة المرأة في الإسلام تندرج تحت أربعة أقسام رئيسية على حسب علم المرأة واطلاعها على محل الشهادة وموضوعها. القسم الأول: شهادة تقبل فيها شهادة المرأة ولا تقبل فيها شهادة الرجل أصلا وهي شهادات ما تحت ثوب المرأة؛ القسم الثاني: شهادة تقبل فيها شهادة المرأة ولكنها تعادل نصف شهادة الرجل وتحتاج في مصداقيتها إلى شهادة امرأة أخرى وهي شهادات المعاملات (البقرة 282:2)؛ القسم الثالث: شهادة لا تقبل فيها شهادة المرأة أصلا ولا تقبل فيها إلا شهادة عدد من الرجال وهي شهادات الحدود (النور 13:24)؛ القسم الرابع: شهادة تقبل فيها شهادة المرأة على قدم المساواة مع شهادة الرجل وهي شهادة المرأة لنفسها مثل شهادة اللعان وشهادة الرأي مثل المبايعة والانتخابات وما إلى ذلك (الممتحنة 12:60).

فأما القسم الأول، فشهادة المرأة فيه أولى من شهادة الرجل لاطلاع المرأة عليه وعدم اطلاع الرجل عليه؛ أما القسم الثاني، فتعادل شهادة الرجل فيه شهادة امرأتين لما يفترض من قلة اطلاع المرأة عليه وقلة علمها به غالبا وكثرة اطلاع الرجل عليه وعلمه به غالبا؛ أما القسم الثالث: فلا تقبل فيه شهادة المرأة أصلا نظرا لخطورة ما تؤدي إليه شهادتها من الحدود المقررة شرعا، ولا تقبل فيه إلا شهادة عدد من الرجال لأنه يفترض أنهم أكثر اطلاعا وتمييزا ودقة وضبطا وحيادية في مثل هذه الأمور؛ أما القسم الرابع: فهو مبني على التعبير عن النفس وإبداء الرأي، وهذا الأمر يستوي فيه الرجل والمرأة.

المسيحية
لم يتناول العهد الجديد شهادة المرأة، وإنما تبنى أحكام شهادة المرأة في المسيحية على العهد القديم، وليس في العهد القديم أي ذكر لشهادة المرأة، فلا يشير العهد القديم إلا لشهادة الرجل بصيغة المذكر فقط (الخروج 1:23)، (اللاويين 1:5). ويخبرنا مفسرو التلمود أن شهادة المرأة في الشريعة اليهودية كانت كشهادة الطفل والعبد، ولا تقبل إلا في حالات معينة وقليلة جدا. ومن ثم، لا تستوي شهادة المرأة في اليهودية مع شهادة الرجل بصفة عامة (على سبيل المثال، التلمود – مبحث السنهدرين (المحكمة العليا) – الفصل الثالث)

السبايا والإماء

الإسلام
كان للإسلام السبق في حسن معاملة السبايا والإماء واحترام إنسانيتهن والإحسان إليهن. وإن أول مكتسبات السبايا والإماء في الإسلام هو تحريرهن وإطلاق سراحهن في جملة الأمر بفك الرقاب في الإسلام (البلد 13:90)، لاسيما وقد جعل الإسلام عتق الرقاب كفارة لبعض الخطايا (المائدة 89:5)، (المجادلة 3:58).

ولم يقتصر الإسلام في وصايته بالسبايا والإماء على مجرد العتق بل دعا إلى تعليمهن وتأديبهن وعتقهن ثم الزواج منهن، وضاعف الأجر في ذلك ترغيبا للمسلمين في الإقدام على ذلك. فعن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران…” (رواه البخاري)

ولقد كان النبي محمد القدوة والمثل الأعلى في ذلك، فكثيرا ما أعتق السبايا والإماء حتى أن نصف أمهات المؤمنين تقريبا كن أساسا من الإماء والسبايا، فكانت السيدة مارية القبطية أساسا أمة أهداها المقوقس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكانت السيدة جويرية بنت الحارث وصفية بنت حيي والسيدة ريحانة بنت زيد من سبايا الحرب، فأعتقهن النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجهن فصرن من أمهات المؤمنين.

ولم تقتصر السبايا اللاتي أعتقهن النبي محمد على أمهات المؤمنين فقط بل إن عتق بعض أمهات المؤمنين قد أدى إلى عتق سبايا أقوامهن. ولقد أعتق النبي سبايا لم يتزوج منهن مثل السيدة سفانة بنت حاتم الطائي وسبايا هوازن حتى لا يظن ظان أن النبي إنما كان يعتق السبايا فقط ليتزوج منهن.

ولقد عدد الإسلام أسباب عتق السبايا والإماء، ففي حين أنه يدعو إلى عتقهن بدون مقابل وتعليمهن وتأديبهن وعتقهن ثم الزواج منهن، يدعو الإسلام أيضا من تعذر عليه ذلك إلى مكاتبهن أي تقاضي مقابل مادي منهن مقابل عتقهن (النور 33:24). كما أن الإسلام جعل في إنجاب السبية أو الأمة من سيدها عتقها، فتسمى أم ولد فلا يجوز لسيدها التصرف فيها بعد أن أنجبت له طفلا.

فإن لم يتيسر العتق ولا المكاتبة ولا الإنجاب للسبايا والإماء، فلقد ضمن الإسلام للسبايا والإماء حياة طيبة بفضل المكتسبات التي كفلها لهن. فعلى سبيل المثال، حض الإسلام على الزواج من السبايا والإماء المؤمنات عند عدم القدرة على الزواج من الحرائر المؤمنات وأوجب لهن ما يجب للحرائر من لزوم المهر والحصول على إذن الأهل أي الأولياء (النساء 25:4)، (البقرة 221:2).

ولقد دعا الإسلام إلى الإحسان إلى السبايا والإماء (النساء 36:4)، ومن أشكال الإحسان إلى السبايا والإماء التي خصها الإسلام بالذكر النهي عن إكراههن على البغاء للانتفاع منهن (النور 33:24)، والدعوة إلى تزويجهن إن لم يرغب أولياؤهن في الزواج منهن (النور 32:24).

ورأفةً بالسبايا والإماء، جعل الإسلام عقوبتهن نصف عقوبة الحرائر في حالة ارتكابهن ما يوجب الحد شرعا (النساء 25:4).

المسيحية
إن أبسط حقوق سبايا الحرب وهو الحق في الحياة ليس مكفولا لهن في الكتاب المقدس. فيحدثنا العهد القديم عن استباحة دماء السبايا والنساء وقتلهن بدم بارد. ففي العهد القديم نقرأ: “أُسْكِرُ سِهَامِي بِدَمٍ، وَيَأْكُلُ سَيْفِي لَحْمًا. بِدَمِ الْقَتْلَى وَالسَّبَايَا، وَمِنْ رُؤُوسِ قُوَّادِ الْعَدُوِّ”. (التثنية 42:32)، ونقرأ: “فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا” (العدد 17:31)، كما نقرأ أيضا: “فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلاً وَحِمَارًا”. (صمويل الأول 3:15)، ونقرأ: “وَدَخَلُوا فِي عَهْدٍ أَنْ يَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمْ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ. حَتَّى إِنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ”. (أخبار الأيام الثاني 15 :12-13)، كما نقرأ: “فَكَتَبَ بِاسْمِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ وَخَتَمَ بِخَاتِمِ الْمَلِكِ، وَأَرْسَلَ رَسَائِلَ بِأَيْدِي بَرِيدِ الْخَيْلِ رُكَّابِ الْجِيَادِ وَالْبِغَالِ بَنِي الرَّمَكِ، الَّتِي بِهَا أَعْطَى الْمَلِكُ الْيَهُودَ فِي مَدِينَةٍ فَمَدِينَةٍ أَنْ يَجْتَمِعُوا وَيَقِفُوا لأَجْلِ أَنْفُسِهِمْ، وَيُهْلِكُوا وَيَقْتُلُوا وَيُبِيدُوا قُوَّةَ كُلِّ شَعْبٍ وَكُورَةٍ تُضَادُّهُمْ حَتَّى الأَطْفَالَ وَالنِّسَاءَ، وَأَنْ يَسْلُبُوا غَنِيمَتَهُمْ” (أستير 10:8-11)

وإن أقصى مكتسب حققته المسبية في المسيحية في ضوء الكتاب المقدس هو أقل مكتسب حققته المسبية في الإسلام وهو وضعية أم الولد في الإسلام. فكما أن أم الولد وهي الأمة التي أنجبت طفلا من سيدها لا يمكن التصرف فيها بالبيع، لا يمكن للمسيحي التصرف في المسبية التي يقرر الزواج منها بالبيع إذا كرهها. ففي العهد القديم نقرأ:

“إِذَا خَرَجْتَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِكَ وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ، وَسَبَيْتَ مِنْهُمْ سَبْيًا، وَرَأَيْتَ فِي السَّبْيِ امْرَأَةً جَمِيلَةَ الصُّورَةِ، وَالْتَصَقْتَ بِهَا وَاتَّخَذْتَهَا لَكَ زَوْجَةً، فَحِينَ تُدْخِلُهَا إِلَى بَيْتِكَ تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَهَا وَتَنْزِعُ ثِيَابَ سَبْيِهَا عَنْهَا، وَتَقْعُدُ فِي بَيْتِكَ وَتَبْكِي أَبَاهَا وَأُمَّهَا شَهْرًا مِنَ الزَّمَانِ، ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ تَدْخُلُ عَلَيْهَا وَتَتَزَوَّجُ بِهَا، فَتَكُونُ لَكَ زَوْجَةً. وَإِنْ لَمْ تُسَرَّ بِهَا فَأَطْلِقْهَا لِنَفْسِهَا. لاَ تَبِعْهَا بَيْعًا بِفِضَّةٍ، وَلاَ تَسْتَرِقَّهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ أَذْلَلْتَهَا”. (التثنية 21: 10-14)

ومن ثم، فإن حق السبايا والإماء في الحياة ليس مكفولا في الكتاب المقدس، وأقصى ما كفل لهن هو أن يستمتع بهن المسيحي ثم يطلقهن دون التصرف فيهن بالبيع على غرار أم الولد في الإسلام.

وعلى الرغم من حديث العهد الجديد مرارا وتكرارا عن المساواة بين السادة والعبيد (كورنثوس الأولى 13:12)، (غلاطية 27:3-28)، إلا أن المسيحية لم تضع آليات عملية أو أحكاما صريحة ومادية لعتق السبايا والإماء وتحريرهن أو حتى توفير حياة كريمة لهن. ولا نجد في العهد الجديد إلا أوامر للعبيد إجمالا بالخضوع لسادتهم وإرضائهم. ففي العهد الجديد نقرأ: “وَالْعَبِيدَ أَنْ يَخْضَعُوا لِسَادَتِهِمْ، وَيُرْضُوهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرَ مُنَاقِضِينَ” (تيطس 9:2)، ونقرأ: “أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ سَادَتَكُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ، لاَ بِخِدْمَةِ الْعَيْنِ كَمَنْ يُرْضِي النَّاسَ، بَلْ بِبَسَاطَةِ الْقَلْبِ، خَائِفِينَ الرَّبَّ” (كولوسي 22:3).

كما نقرأ أيضا: “أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا سَادَتَكُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، فِي بَسَاطَةِ قُلُوبِكُمْ كَمَا لِلْمَسِيحِ لاَ بِخِدْمَةِ الْعَيْنِ كَمَنْ يُرْضِي النَّاسَ، بَلْ كَعَبِيدِ الْمَسِيحِ، عَامِلِينَ مَشِيئَةَ اللهِ مِنَ الْقَلْبِ” (أفسس 5:6-6)

الثواب الأخروي

الإسلام
لا يكتفي الإسلام بذكر الثواب الأخروي للرجل فحسب، وإنما يشير أيضا إلى الثواب الأخروي للمرأة على حد سواء. فعلى سبيل المثال، نقرأ في القرآن الكريم:

فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (آل عمران 195:3)

ونقرأ:

وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (النساء 32:4)

كما نقرأ أيضا:

وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (النساء 124:4)

المسيحية
تكتفي المسيحية بذكر الثواب الأخروي للرجل فحسب وبصيغة المذكر دون المؤنث. فعلى سبيل المثال، نقرأ في العهد الجديد:

وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا جَلَسَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ. فَفتحَ فاهُ وعَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ… (متى 1:5-11)

كما نقرأ ايضا: “فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ”. (متى 10 :32-33)

_________

اقرأ أيضا:

معجم أهم أحوال المرأة في الكتاب المقدس ونظائرها في القرآن الكريم

حقوق المرأة وأحكام الزواج بين المسيحية والإسلام (بين الزواج والتبتل والحق في الزواج)

حقوق المرأة وأحكام الزواج بين المسيحية والإسلام (تعدد الزوجات)

حقوق المرأة وأحكام الزواج بين المسيحية والإسلام (حرية اختيار الزوج والطلاق

مواضيع ذات صلة