تكريم المرأة بين الإسلام والمسيحية

التبشير بالنبي محمد في الكتاب المقدس

النبي محمد في الكتاب المقدس

هناك ما يشهد بنبوة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم في كتب الأولين

د/ زغلول النجار

على الرغم من إيماننا نحن معشر المسلمين بضياع أصول التوراة والإنجيل وبأن ما بقى منهما من ذكريات نقلت شفاهة لمدة قرن على الأقل (كما هو الحال مع الأناجيل) إلى عدة قرون تتعدى الثمانية (كما هو الحال مع التوراة)، وعلى الرغم من أن هذا الذي نقل شفاهة قد دون بأيدي مجهولين من البشر ليسوا بأنبياء ولا بمرسلين، وعلى الرغم من إضافة العديد من الرسائل التي لا علاقة لها بوحي السماء إلى ما قد دون، وعلى الرغم من جمع ذلك كله في القرن السابع عشر الميلادي تحت مسمى (العهدين القديم والجديد)، ومراجعة ترجماتها إلى اللغة الانجليزية بأمر من الملك البريطانى جيمس(The King JamesVersion of the Bible).

وعلى الرغم من المراجعات العديدة لتلك الطبعة ولغيرها من الطبعات (1535م إلى اليوم) وعلى الرغم من كثرة الإضافات والحذف والتعديل والتبديل، والتحريف والتغيير، والتحرير بعد التحرير، فإن بقاء ما يشهد بنبوة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم في هذه الكتابات جميعا يدحض محاولات النيل من مقامه الكريم التي جاءت في إحدى اليوميات الدانماركية والتي تناقلتها وسائل الإعلام الغربية والشرقية.

النبوءات ببعثة الرسول الخاتم- صلى الله عليه وسلم– في كتب الأولين

أولًا: في العهد القديم

1. جاء في سفر التكوين (الإصحاح 49/10) ما ترجمته: “لا يزول صولجان من يهوذا أو مشترع من قدميه حتى يأتي شيلوه وله يكون خضوع الشعوب”
وفى ترجمة أخرى للنص ذاته (دار الكتاب المقدس – بيروت ) جاء ما يلي: لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي (شيلوه) وله يكون خضوع الشعوب”.
وفى تفسير هذا النص، ذكر القس المهتدى البروفسير عبد الأحد داود- رحمه الله رحمة واسعة- فى كتابه المعنون: (محمد في الكتاب المقدس) تحت عنوان:”محمد هو الشيلوه” بأن هذه النبوءة تشير بوضوح إلى النبي المنتظر لأن من معاني هذه الكلمة في اللغة العبرية شيلوه (Shilh) صاحب الصولجان والملك، ومن معانيها الهادىء المسالم، الأمين، الوديع والصيغة الآرامية (السيريانية) للكلمة هي شيليا (Shilya) بمعنى الأمين، والرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم عرف من قبل بعثته الشريفة بلقب الصادق الأمين.

2. فى سفر التثنية
•جاء فى سفر التثنية من العهد القديم على لسان نبي الله موسى مخاطبًا قومه قائلا لهم: (تثنية 18/15 – 20) ما ترجمته: “يقيم لك الرب إلهك: نبيًا من وسطك، من إخوتك، مثلى، له تسمعون، حسب كل ما طلعت من الرب إلهك فى حوريب يوم الاجتماع قائلا: لا أعود أسمع صوت الرب إلهي ولا أرى هذه النار العظيمة أيضا لئلا أموت، قال لي الرب: قد أحسنوا فيما تكلموا، أقيم لهم نبيًا من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه، وأما النبي الذي يطغى فيتكلم باسمي كلاما لم أوصه أن يتكلم به أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى فيموت ذلك النبي”. والنبي الذي أقامه الله –تعالى- لهداية الناس من وسط إخوة اليهود (وهم العرب) وهو يشبه موسى –على نبينا وعليه من الله السلام- هو سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم.

•كذلك جاء في مطلع الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر تثنية كذلك (تث 33/1) ما ترجمته: “وهذه هي البركة التي بارك بها موسى –رجل الله– بني إسرائيل قبل موته فقال:”جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبال فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم”. وجبال (فاران) أو (باران) كما جاء فى سفر التكوين (تك 21 /12) هي البرية التي هاجر إليها إسماعيل(عليه السلام) وأمه هاجر (رضي الله عنها).

وجاء في أغلب شروح الكتاب المقدس أن الاسم (فاران) أو (باران) هو تعبير عن جبال مكة المكرمة، وتلألؤ الله -تعالى- من جبل فاران هو إشارة إلى بدء تنزل هذا الوحي الخاتم في غار حراء فوق جبال مكة المكرمة، ومجيء الله تعالى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم – هو تنبؤ برحلة الإسراء والمعراج التي أكرم الله (تعالى) بها خاتم أنبيائه ورسله -صلى الله وسلم وبارك عليهم أجمعين– كما استنتجه القس المهتدى عبد الأحد داوود (رحمه الله).

3. في سفر أشعيا
•جاء في سفر أشعيا (أش 11/4) وصف للرسول الخاتم بأنه إنما يقضي بعدل للمساكين، ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض، ويعاقب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه، لأنه سيرتدي البر ويتمنطق بالأمانة وهذه كلها من صفات سيدنا محمد بن عبد الله( صلى الله عليه وسلم– الذي وصفه قومه من قبل بعثته الشريفة بوصف “الصادق الأمين”.

•وجاء في سفر أشعيا أيضا (21/13-17) نبوءة بهجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وجاء ذلك بما ترجمته: “وحي من جهة بلاد العرب في الوعر من بلاد العرب تبتين يا قوافل الدانيين، هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء، وافوا الهارب بخبزة، فإنهم من أمام السيوف قد هربوا من أمام السيف المسلول ومن أمام القوس المشدودة ومن أمام شدة الحرب فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار، وبقية عدد في أبطال بني قيدار تقل لأن الرب قد تكلم “والنبي الوحيد الذي هاجر من جبال مكة إلى قرب ثيماء هو خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

•وجاء فى “سفر حبقوق” (حبق 3/3) ما ترجمته :(الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران سلاه = صلاة جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه، وكان لمعان كالنور، له من يده شعاع وهناك استتار قدرته). وإذا كان جبل فاران هو جبل مكة المكرمة (وبكة) فمَن من أنبياء الله غير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هاجر من مكة إلى قرب تيماء (وهى شمال المدينة المنورة).

•وفى المزامير المنسوبة إلى داوود: جاء فى المزمور الرابع والثمانين من العهد القديم (1-7) ما ترجمته: “ما أحلى مساكنك يارب الجنود، نشتاق بل تتوق نفسي إلى ديار الرب، قلبي ولحمى يهتفان بالإله الحي، العصفور أيضًا وجد بيتا والمسنونة عشا لنفسها حيث تضع أفراخها، مذابحك يارب الجنود ملكي وإلهي، طوبى للساكنين فى بيتك أبدًا يسبحونك، سلاه=صلاة”.

“طوبى لأناس عزهم بك، طرق بيتك في قلوبهم، عابرين في وادي البكاء= (وادي بكة) (1) يصيرونه ينبوعا، أيضا ببركات يغطون مورة”.

وفي الترجمة الانجليزية لما يعرف باسم سلسلة ثومبسن للإنجيل المرجعي:(The Thompson Chain Reference Bible) والمنشور فى كل من ولايتي إنديانا وميتشجان بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1983م. جاء النص المشار إليه آنفا على النحو التالي:

(How lovely is your dwelling place, O lord Almighty, My soul yearns even faints for the courts of the lord,.. O lord Almighty, my king and my God, Blessed are Those who dwell in your house they are ever praising you. Selah (Salah) Blessed are those whose strength is in you, who have set their hearts on Pilgrimage, as They Pass Through The Valley of Baca, They make it a Place of spring, The autumn rains also cover it with pools of blessing)

والفرق بين الترجمتين العربية والانجليزية واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ودليل على التحريف الذي لا يخفى على عاقل .

ثانيًا: في العهد الجديد

•في إنجيل يوحنا:
وردت في إنجيل يوحنا(يو 6/27) إشارة إلى أن نبي آخر الزمان يحمل خاتم النبوة بين كتفيه، وذلك فيما ترجمته: “لا تسعوا وراء الطعام الفاني بل وراء الطعام الباقي إلى الحياة الأبدية، والذي يعطيكم إياه ابن الإنسان لأن هذا قد وضع الله ختمه عليه”، ومن الثابت تاريخيًا أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يحمل خاتم النبوة بين كتفيه.

•في إنجيل يوحنا (يو16/ 12-14) ما ترجمته: “إن لي أمورًا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية، ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لى ويخبركم”
وهذا الوصف شديد الانطباق على خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم الذي بشر بمقدمه عيسى بن مريم، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه القرآن الكريم بقول الحق تبارك وتعالى:

وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى(3)إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى(4) (النجم 3:53-4).

وكان النص السابق الذي جاء في إنجيل يوحنا (6/27) ترجمة لمدلول هاتين الآيتين القرآنيتين الكريمتين، ولآية أخرى كريمة يقول ربنا – تبارك وتعالى:

وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي ومبشرًا برسول يأتي من بعدى اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين (الصف 6:61).

•سفر رؤيا :
وجاء فى سفر رؤيا من العهد الجديد (رؤ 19/15,11) ما ترجمته : “ثم رأيت السماء مفتوحة ، وإذا حصان أبيض يسمى راكبه باسم (الصادق الأمين) الذي يقضي ويحارب بالعدل”
ووصف (الصادق الأمين) ينطبق على سيدنا محمد لأن أهل مكة المكرمة كانوا قد أطلقوا عليه هذا الوصف بالضبط من قبل بعثته الشريفة .
وبقاء هذه الإشارات إلى اقتراب بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين في كتب الأولين، على الرغم مما تعرضت له من ضياع الأصول، وتحريف المنقول شفاهة عنها لقرون عديدة تؤكد صدق هذا الكتاب المجيد (القرآن الكريم)، وصدق نبوة الرسول الخاتم الذي تلقاه. فالحمد لله على نعمة الإسلام العظيم، والحمد لله على بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين، وصلاة الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ (الأعراف 157:7)

مواضيع ذات صلة