اليهودية والمسيحية والإسلام: أصول أسمائها ورسالاتها

بين المشيح ويسوع المسيح والمسيخ والمهدي

المسيح عيسى

الجميع ينتظر إما: المشيح أو يسوع المسيح أو المسيح عيسى بن مريم والمهدي

على الرغم من إيمان أتباع الرسالات السماوية وهم اليهود والمسيحيون والمسلمون باليوم الآخر، إلا أنهم يختلفون على علامات هذا اليوم ولاسيما ظهور الشخص المنتظر الذي سيجدد الدين ويعيد إقامته والتمكين له على الأرض. فلكل رسالة سماوية شخص منتظر يؤمن أتباعها بظهوره في آخر الزمان كعلامة من علامات اليوم الآخر. ويختلف هذا الشخص المنتظر من رسالة سماوية إلى أخرى.

المشيح أو الماشيح المنتظر عند اليهود

تعني كلمة “المشيح” أو “الماشيح” (המשיח) باللغة العبرية الشخص الممسوح بالدهن المقدس (الخروج 41:28). ولذلك، وصف العديد من بني إسرائيل بهذا الوصف (صموئيل الأول 6:24). ولكن يؤمن اليهود بأن مسيحا رئيسا لهم سيأتي في آخر الزمان ليعيد بناء الهيكل أو المعبد في أورشليم. وعن ذلك نقرأ في العهد القديم: “فَاعْلَمْ وَافْهَمْ أَنَّهُ مِنْ خُرُوجِ الأَمْرِ لِتَجْدِيدِ أُورُشَلِيمَ وَبِنَائِهَا إِلَى الْمَسِيحِ الرَّئِيسِ سَبْعَةُ أَسَابِيعَ وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ أُسْبُوعًا، يَعُودُ وَيُبْنَى سُوقٌ وَخَلِيجٌ فِي ضِيقِ الأَزْمِنَةِ. وَبَعْدَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أُسْبُوعًا يُقْطَعُ الْمَسِيحُ وَلَيْسَ لَهُ، وَشَعْبُ رَئِيسٍ آتٍ يُخْرِبُ الْمَدِينَةَ وَالْقُدْسَ، وَانْتِهَاؤُهُ بِغَمَارَةٍ، وَإِلَى النِّهَايَةِ حَرْبٌ وَخِرَبٌ قُضِيَ بِهَا”. (دانيال 25:9-26)

كما يؤمن اليهود أن ظهور هذا المسيح الرئيس سيكون إيذانا برد سبيهم وجمعهم من الشتات وإعادة مجدهم. وعن ذلك نقرأ في العهد القديم: “يَرُدُّ الرَّبُّ إِلهُكَ سَبْيَكَ وَيَرْحَمُكَ، وَيَعُودُ فَيَجْمَعُكَ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ بَدَّدَكَ إِلَيْهِمِ الرَّبُّ إِلهُكَ. إِنْ يَكُنْ قَدْ بَدَّدَكَ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ، فَمِنْ هُنَاكَ يَجْمَعُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، وَمِنْ هُنَاكَ يَأْخُذُكَ، وَيَأْتِي بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي امْتَلَكَهَا آبَاؤُكَ فَتَمْتَلِكُهَا، وَيُحْسِنُ إِلَيْكَ وَيُكَثِّرُكَ أَكْثَرَ مِنْ آبَائِكَ”. (التثنية 3:30-5)

وعن ذلك نقرأ أيضا في التلمود: “أكلت إسرائيل في هذه الحياة وستشبع في أيام المسيح وسيتبقى لها بعضا في العالم الأخروي” (السبت – الفصل الخامس عشر)

يسوع المسيح ومجيئه الثاني

يؤمن المسيحيون بأن السيد المسيح قد مات فداء للبشرية من الخطيئة وأنه قام من بين الموتى بعد ثلاثة أيام وثلاث ليال وأنه سيعود في نهاية الزمان إيذانا بنهاية العالم وحلول يوم الدين ليجازي كل إنسان على عمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر. ففي العهد الجديد نقرأ: “فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ”. (متى 27:16-28)

كما نقرأ أيضا: “فَكَمَا يُجْمَعُ الزَّوَانُ وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ، هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ هذَا الْعَالَمِ: يُرْسِلُ ابْنُ الإِنْسَانِ مَلاَئِكَتَهُ فَيَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ الْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي الإِثْمِ، وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ. حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ”. (متى 40:13-43)

المسيح عيسى بن مريم ونزوله في الإسلام

يؤمن المسلمون بأن السيد المسيح عيسى بن مريم لم يقتل ولم يصلب بل رفعه الله إليه حيا وأنه سوف ينزل بين يدي الساعة عبدا ونبيا ورسولا لله عز وجل وحكما عدلا يكسر الصليب ويقر رسالة النبي محمد وأن المسيحيين عندئذ سيؤمنون بأنه كذلك وبأنه ليس الله ولا ابن الله. وعن ذلك نقرأ في القرآن الكريم:

وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا. بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا. وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (النساء 157:4-159)

كما نقرأ أيضا:

وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ. وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ. إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ. وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (الزخرف 57:43-61)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها” ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم: “وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا” (رواه البخاري)

المهدي المنتظر

يؤمن المسلمون بناء على بعض الأحاديث النبوية بأن الله في آخر الزمان سيملّك عليهم رجلا من أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم يطابق اسمه اسم النبي واسم أبيه اسم أبي النبي أي أن اسمه سيكون “محمد بن عبد الله” يملأ الأرض قسطا وعدلا قبيل نزول السيد المسيح عيسى بن مريم. فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟” (رواه البخاري)

وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة لهذه الأمة” (رواه مسلم)

فهذا الإمام المذكور في الحديث هو المهدي على أرجح الأقوال. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلًا مِنِّي – أَوْ: مِنْ أَهْلِ بَيْتِي – يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا، وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا” (رواه أبو داود وصححه الألباني)

تعليق

بالنسبة لليهود، هناك مبالغة في دور المسيح المنتظر لديهم لأن النبوءات المذكورة إن صحت فإنها تشير إلى أن ملك هذا المسيح سيكون قصيرا “وَبَعْدَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أُسْبُوعًا يُقْطَعُ الْمَسِيحُ”.

بالنسبة للمسيحيين، تحمل نبوءات المجيء الثاني للمسيح في طياتها ما يؤكد فسادها وبطلانها حيث تؤكد أن من حواريي المسيح من لن يذوق الموت حتى يعود المسيح ولكن جميع حوارييه عليه السلام ماتوا منذ زمن بعيد ولم يعد السيد المسيح بعد.

بالنسبة للمسلمين، ليس هناك وجه مقارنة بين السيد المسيح ونزوله وبين المهدي وظهوره عليه السلام، حيث يعتبر نزول السيد المسيح علامة من علامات يوم القيامة الثابتة بنصوص الكتاب والسنة وسيكون له عليه السلام دور كبير في الدعوة إلى الله تعالى ومحاربة الكفرة والمشركين. أما المهدي، فلم يرد ذكره في القرآن الكريم وذكره في الأحاديث النبوية أقل ثبوتا من السيد المسيح ودوره كعلامة من علامات يوم القيامة محدود بالمقارنة بالسيد المسيح، فلن يعدو دوره كونه حاكما عادلا يأتي بين يدي الساعة، وسيكون من رجال السيد المسيح عليه السلام.

جدير بالذكر أيضا أن المسلمين يؤمنون بظهور مشيح اليهود في آخر الزمان، إلا أنهم يؤمنون بأنه ليس مسيحا من عند الله وإنما هو مسيخ دجال ويقتله السيد المسيح بعد نزوله. فعن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا فقال ما شأنكم قلنا يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل فقال غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط عينه طافئة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه خارج خلة بين الشأم والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض قال أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال لا اقدروا له قدره قلنا يا رسول الله وما إسراعه في الأرض قال كالغيث استدبرته الريح فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة (رواه مسلم)

_________

المراجع:

1- القرآن الكريم

2- صحيح البخاري

3- صحيح مسلم

4- سنن أبي داود

5- الكتاب المقدس

6- موقع الأنبا تكلا

7- التلمود البابلي

8- المشنا

مواضيع ذات صلة