الفرق بين القرآن وأهم كتب الديانات الحالية

الصوم في الإسلام والرسالات السماوية السابقة (1)

الصوم

كتب الصيام على المسلمين كما كتب على أتباع الرسالات السماوية السابقة

إن الصوم من أهم العبادات التي شرعت في معظم الرسالات السماوية إن لم يكن جميعها. وعلى الرغم من اختلاف طقوسه وشعائره من رسالة إلى أخرى، إلا أن هناك دائما ما يجمع بين هذه الطقوس والشعائر المختلفة بحيث يمكن أن يطلق على كل ذلك صوما. تعالوا لنتعرف على الصوم كعبادة في الإسلام وغيره من الرسالات السماوية السابقة.

تاريخ الصوم قبل الإسلام

إن الصوم عبادة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، فلا تكاد تخلو منه رسالة سماوية من لدن آدم عليه السلام وحتى محمد صلى الله عليه وسلم. ولا يصح الادعاء بأن الإسلام قد اقتبس هذه العبادة من الرسالات السماوية السابقة وذلك ببساطة لأنه قد ورد بنص القرآن الكريم نفسه أن الصوم قد شرع للمسلمين كما شرع للأمم من قبلهم. ففي القرآن الكريم نقرأ:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 183:2)

ولا عجب، فإن الإسلام قد استمد عبادة الصوم من نفس المنبع الذي استمدت منه الرسالات السابقة هذه العبادة. جدير بالذكر أن رسالة الإسلام الخاتمة قد جاءت إلى العالم بعد آلاف السنين من عمر الدنيا وبعد بعثة آلاف الأنبياء والمرسلين إلى أهل الأرض وبعد إنزال كتب سماوية عديدة إليهم. فالقرآن الكريم يخبرنا أن الله تعالى قد أرسل أنبياء ورسلا إلى جميع الشعوب والأمم. فعلى سبيل المثال، نقرأ في القرآن الكريم:

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (يونس 47:10)

كما نقرأ أيضا:

إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا. وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا. رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (النساء 4 :163-165)

ويخبرنا القرآن الكريم أيضا أن كتبا قد أنزلت على الأنبياء والمرسلين قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بل إن القرآن الكريم قد أمر المسلمين بالإيمان بهذه الكتب على الرغم من عدم علمهم بمحتواها. ففي القرآن الكريم، نقرأ:

قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة 136:2)

وكثيرا ما يثني القرآن الكريم على المؤمنين لإيمانهم بجميع ما نزل من عند الله عز وجل، فعلى سبيل المثال، نقرأ في القرآن الكريم:

وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (البقرة 2 :4-5)

ومن ثم، فليس من الغريب أن نجد تشابها بين الإسلام وغيره من الرسالات السابقة، وإنما سيكون الغريب أن نجده مختلفا عنها بالرغم من وحدة المنبع. وإذا قلنا أن الإسلام قد أخذ الصوم عن اليهود أو النصارى، فالصابئة أمة أقدم من اليهود والنصارى وكانوا يصومون قبل اليهود والنصارى، فهل أخذ اليهود والنصارى صومهم عن الصابئة؟

لنبحث الآن كيف كان الصوم عند أصحاب الرسالات السماوية السابقة، لاسيما الصابئة واليهود والنصارى، قبل الإسلام.

الصوم عند الصابئة (المندائية)

نبذة عن الصابئة

الصابئة ديانة يقول أتباعها أنها إحدى بل وأولى الأديان الإبراهيمية الموحدة وأن لهم كتاب سماوي وأنهم يتبعون أنبياء الله آدم وشيث وإدريس ونوح وسام بن نوح ويحيى بن زكريا. وقد كانوا منتشرين في بلاد الرافدين وفلسطين ولا يزال بعض أتباعها موجودين في العراق والأحواز في إيران.

وأركان ديانة الصابئة هي: 1- التوحيد، 2- الصباغة والتطهر، 3- الوضوء والصلاة، 4- الصوم، 5- الصدقة والزكاة

وأما نظرة الإسلام للصابئين، فهي نظرة تسوي بينهم وبين اليهود والنصارى. فعنهم نقرأ في القرآن الكريم على سبيل المثال:

إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة 62:2)

نزلت الآية السابقة تعبيرا عن موقف الإسلام من أهم أتباع الديانات السماوية السابقة قبل مبعث النبي محمد. فعن سبب نزول الآية السابقة، قال الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل دين كنت معهم، فذكرت من صلاتهم وعبادتهم، فنزلت: “إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر” إلى آخر الآية .

فتبين الآية السابقة أن معيار النجاة قبل الإسلام هو الإيمان بالله وحده لا شريك له وباليوم الآخر مع عمل الصالحات، ويسري هذا المعيار على جميع أتباع الديانات السماوية السابقة بما فيهم اليهود والنصارى بل والصابئين أيضا.

ولذلك، فلقد عدهم المسلمون من أهل الذمة وعند دخول سعد بن أبي وقاص العراق وعدهم بالأمن والأمان.

الصابئة والصوم

إن الصوم كما ذكرت من أركان ديانة الصابئة. وعندهم صومان: الصوم الكبير والصوم الصغير. أما الصوم الكبير فهو الامتناع عن كل الفواحش والمحرمات وكل ما يسيء إلى علاقة الإنسان بربه وبإخوانه من البشر ويدوم طوال حياة الإنسان.

والأصل فيه ما يلي من كتاب الكنزاربا وهو الكتاب المقدس عند الصابئة: “صوموا الصوم الكبير، صوم القـلب والعـقـل والضمـيـر، لِـتـَـصُم عـيونكم، وأفواهكم، وأيديكم. لا تغـمز ولا تـَـلمز، لا تـنظـروا إلى الشّـر ولا تـَـفـعـلوه، والباطل لا تسمعوه، ولا تنصتوا خلف الأبواب، ونزهوا أفواهكم عن الكذب، والزيف لا تقربوه، أمسكوا قلوبكم عن الضغينة والحسد والتفرقة، أمسكوا أيديكم عن القتل والسرقة، أمسكوا أجسادكم عن معاشرة أزواج غيركم، فـتلك هي النار المحرقة، أمسكوا ركبكم عن السجود للشيطان وللأصنام الزيف، أمسكوا أرجـلكم عن السير إلى ما ليس لكم، إنه الصوم الكبير فلا تكسروه حتى تفارقوا هذه الدنيا”.

(من كتاب الكنزاربا القسم الايمن الكتاب الاول التسبيح الثاني الوصايا بوثة 105 الى بوثة 120)

أما الصوم الصغير، فهو عبارة عن الكف عن تناول لحوم الحيوانات وذبحها خلال أيام متفرقة من السنة يبلغ مجموعها 32 بالنسبة لعموم الناس و36 يوما بالنسبة لرجال الدين وفقا للتقويم الصابئي.

وتسمى أيام الصوم أيام المبطلات، وتنقسم إلى قسمين: أيام المبطلات الخفيفة، وهي لا يجوز فيها الذبح ويجوز فيها اكل الاسماك والمنتجات الحيوانية والحليب ومشتقاته والبيض وأكل اللحوم المذبوحة سابقا وأكل جميع أشكال المنتجات النباتية من خضار وفواكه.

أما أيام المبطلات الثقيلة، فلا يجوز فيها الذبح ولا يجوز أكل جميع أشكال المنتجات الحيوانية ويجوز فيها فقط أكل المنتوجات النباتية .

الصوم عند اليهود

كان لدى اليهود أصوام عديدة ومختلفة لاسيما في حالات الحزن والتكفير عن الخطايا. وقد يمتد الصوم إلى نهار واحد فقط، فعن ذلك يقول الكتاب المقدس: “فَصَعِدَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكُلُّ الشَّعْبِ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ إِيلَ وَبَكَوْا وَجَلَسُوا هُنَاكَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَصَامُوا ذلِكَ الْيَوْمَ إِلَى الْمَسَاءِ” (قضاة 26:20)

ونقرأ أيضا: فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «اجْمَعُوا كُلَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمِصْفَاةِ فَأُصَلِّيَ لأَجْلِكُمْ إِلَى الرَّبِّ» فَاجْتَمَعُوا إِلَى الْمِصْفَاةِ وَاسْتَقَوْا مَاءً وَسَكَبُوهُ أَمَامَ الرَّبِّ، وَصَامُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَقَالُوا هُنَاكَ: «قَدْ أَخْطَأْنَا إِلَى الرَّبِّ». وَقَضَى صَمُوئِيلُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْمِصْفَاةِ. (صموئيل الأول 7 :5-6)

وقد يمتد الصوم أيضا إلى ثلاثة أيام بلياليهن. فعن ذلك يقول الكتاب المقدس: «اذْهَبِ اجْمَعْ جَمِيعَ الْيَهُودِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ وَصُومُوا مِنْ جِهَتِي وَلاَ تَأْكُلُوا وَلاَ تَشْرَبُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْلاً وَنَهَارًا. وَأَنَا أَيْضًا وَجَوَارِيَّ نَصُومُ كَذلِكَ. وَهكَذَا أَدْخُلُ إِلَى الْمَلِكِ خِلاَفَ السُّنَّةِ. فَإِذَا هَلَكْتُ، هَلَكْتُ». (أستير 16:4)

وأما مناسبات الصوم بخلاف الأحزان والكفارات، فمنها أيام صامها اليهود في الأسر البابلي. وعن ذلك يقول الكتاب المقدس: «قُلْ لِجَمِيعِ شَعْبِ الأَرْضِ وَلِلْكَهَنَةِ قَائِلاً: لَمَّا صُمْتُمْ وَنُحْتُمْ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالشَّهْرِ السَّابعِ، وَذلِكَ هذِهِ السَّبْعِينَ سَنَةً، فَهَلْ صُمْتُمْ صَوْمًا لِي أَنَا؟» (زكريا 5:7)

كما يقول أيضا: «هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنَّ صَوْمَ الشَّهْرِ الرَّابِعِ وَصَوْمَ الْخَامِسِ وَصَوْمَ السَّابعِ وَصَوْمَ الْعَاشِرِ يَكُونُ لِبَيْتِ يَهُوذَا ابْتِهَاجًا وَفَرَحًا وَأَعْيَادًا طَيِّبَةً. فَأَحِبُّوا الْحَقَّ وَالسَّلاَمَ». (زكريا 19:8)

وبخلاف ما سبق، كان اليهود يصومون الصوم الأربعيني حسبما ورد في الكتاب المقدس عن صوم سيدنا موسى عليه السلام أربعين يوما وليلة عندما ذهب للقاء ربه ولتلقي الألواح. وعن ذلك يقول الكتاب المقدس: “وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الرَّبِّ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، لَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا وَلَمْ يَشْرَبْ مَاءً. فَكَتَبَ عَلَى اللَّوْحَيْنِ كَلِمَاتِ الْعَهْدِ، الْكَلِمَاتِ الْعَشَرَ”. (الخروج 28:34)

وعن ذلك يقول القرآن الكريم:

وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (الأعراف 142:7)

وعلى الرغم من تعدد الأصوام في اليهودية، لا يصوم اليهود صيام الفريضة حاليا ومنذ زمن طويل سوى يوم الغفران وهو يوم عاشوراء وفقا لما ورد في الكتاب المقدس: “ويكون لكم فريضة دهرية أنكم في الشهر السابع في عاشر الشهر تذلّلون نفوسكم، وكل عمل لا تعملون الوطني، والغريب النازل في وسطكم” (اللاويين 16:29)

وأما كيفية الصوم، فكان وفقا للأعداد السابقة بالامتناع عن الطعام والشراب. ولقد كان الصوم يقترن أحيانا بالصمت والسكوت. وعن ذلك يقول الكتاب المقدس: “وَلَمَّا سَمِعَ أَخْآبُ هذَا الْكَلاَمَ، شَقَّ ثِيَابَهُ وَجَعَلَ مِسْحًا عَلَى جَسَدِهِ، وَصَامَ وَاضْطَجَعَ بِالْمِسْحِ وَمَشَى بِسُكُوتٍ”. (ملوك الأول 27:21)

وإلى ذلك يشير القرآن الكريم فيما يرويه عن رب العزة مخاطبا السيدة مريم بعد حملها بالسيد المسيح وقبل مولده عليه السلام، فنحن نقرأ:

فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (مريم 26:19)

الصوم عند النصارى (المسيحيين)

إن الأصل في الصوم عند النصارى هو الصوم الأربعيني، وهو صوم صامه السيد المسيح لمدة أربعين يوما قبل أن يجرب من إبليس. ففي العهد الجديد نقرأ: “ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا”. (متى 1:4-2)

وكما هو واضح من العدد السابق، انطوى الصوم الذي صامه السيد المسيح على الامتناع عن الأكل والشرب. ويخبرنا العهد الجديد أيضا أن الصوم الذي صامه أتباع المسيح بعد رفعه كان أيضا ينطوي على الامتناع عن الأكل والشرب. ففي العهد الجديد نقرأ: وَحَتَّى قَارَبَ أَنْ يَصِيرَ النَّهَارُ كَانَ بُولُسُ يَطْلُبُ إِلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَتَنَاوَلُوا طَعَامًا، قَائِلاً: «هذَا هُوَ الْيَوْمُ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَأَنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ لاَ تَزَالُونَ صَائِمِينَ، وَلَمْ تَأْخُذُوا شَيْئًا». (أعمال الرسل 33:27)

وعلى الرغم من أن الصوم الأربعيني الذي صامه السيد المسيح على الجبل هو الصوم الكبير عند النصارى، إلا أن لديهم أيضا أصواما عديدة ورثوها عن اليهود. فيخبرنا العهد الجديد أن أتباع السيد المسيح كانوا يصومون يوم الغفران مثل اليهود. ففي العهد الجديد نقرأ: “وَلَمَّا مَضَى زَمَانٌ طَوِيلٌ، وَصَارَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ خَطِرًا، إِذْ كَانَ الصَّوْمُ أَيْضًا قَدْ مَضَى، جَعَلَ بُولُسُ يُنْذِرُهُمْ” (أعمال الرسل 9:27) فالصوم المذكور في العدد السابق هو صوم يوم الغفران وفقا لتفاسير الكتاب المقدس.

كما نجد بعض النصارى يصومون صوم نينوى ومدته ثلاثة أيام إحياء لذكرى نبي الله يونان أو يونس عليه السلام حينما لبث في بطن الحوت ثلاثة أيام. فنحن نقرأ في العهد الجديد: “وَأَمَّا الرَّبُّ فَأَعَدَّ حُوتًا عَظِيمًا لِيَبْتَلِعَ يُونَانَ. فَكَانَ يُونَانُ فِي جَوْفِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال”. (يونان 17:1)

فذلك الصوم موروث من التراث اليهودي. فلقد ورد في العهد القديم صيام أهل نينوى، فنحن نقرأ: “فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللهِ وَنَادَوْا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحًا مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ”. (يونان 5:3)

وعلى الرغم مما سبق، نجد أن من النصارى في العصر الحاضر من ينكر فرضية الصوم أصلا سواء الصوم الأربعيني أو صوم يوم الغفران أو صوم نينوى، كما نجد أن منهم من يزيد في عدد أيام الصوم ومنهم من ينقصها، وأن منهم من يمتنع عن أكل اللحوم والألبان والبيض فقط كالصابئة ويتناول ما دون ذلك أثناء الصوم. والفروق بين الطوائف المسيحية في الصوم لا تعد ولا تحصى.

_________

المراجع:

1- القرآن الكريم

2- تفسير القرآن العظيم لابن كثير

3- الكتاب المقدس

4- موقع الأنبا تكلا

5- الكنزاربا (الكتاب المقدس عند الصابئة)

6- موقع الجمعية الثقافية المندائية في لاهاي

7- موقع ويكيبيديا (الموسوعة الحرة)

_________

اقرأ أيضا:

تاريخ الصوم عند المسلمين

شعائر الصوم في الإسلام والرسالات السابقة

الحكمة من تشريع الصوم

فضل الصوم في الإسلام والرسالات السابقة

شبهات حول صوم النبي محمد وصحابته في رمضان

شبهات عامة حول الصوم في الإسلام

مواضيع ذات صلة